فَلَعَلَّكَ تٰارِكٌ بَعْضَ مٰا يُوحىٰ إِلَيْكَ وَ ضٰائِقٌ بِهِ صَدْرُكَ [1] فَاحْتَمَلَ رَسُولُ اللَّهِ(صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)ذَلِكَ حَتَّى كَانَ الْيَوْمُ الثَّامِنُ،فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى عَلَيْهِ: يٰا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مٰا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَ إِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمٰا بَلَّغْتَ رِسٰالَتَهُ وَ اللّٰهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النّٰاسِ [2]فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ(صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ):«تَهْدِيدٌ بَعْدَ وَعِيدٍ،لَأَمْضِيَنَّ أَمْرَ رَبِّي عَزَّ وَ جَلَّ فَإِنَّ تَكْذِيبَ الْقَوْمِ [3] أَهْوَنُ عَلَيَّ مِنْ أَنْ يُعَاقِبَنِي الْعُقُوبَةَ الْمُوجِعَةَ فِي الدُّنْيَا وَ الْآخِرَةِ»قَالَ:وَ سَلَّمَ جَبْرَئِيلُ عَلَى عَلِيٍّ(عَلَيْهِ السَّلاَمُ)بِإِمْرَةِ الْمُؤْمِنِينَ،فَقَالَ عَلِيٌّ(عَلَيْهِ السَّلاَمُ):
«يَا رَسُولَ اللَّهِ،أَسْمَعُ الْكَلاَمَ،وَ لاَ أَحُسُّ بِالرُّؤْيَةِ».فَقَالَ:«يَا عَلِيُّ،هَذَا جَبْرَئِيلُ أَتَانِي مِنْ قِبَلِ رَبِّي بِتَصْدِيقِ مَا وَعَدَنِي».
ثُمَّ أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ(صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)رَجُلاً فَرَجُلاً مِنْ أَصْحَابِهِ أَنْ يُسَلِّمُوا عَلَيْهِ بِإِمْرَةِ الْمُؤْمِنِينَ.ثُمَّ قَالَ:«يَا بِلاَلُ،نَادِ فِي النَّاسِ أَنْ لاَ يَبْقَى غَداً أَحَدٌ،إِلاَّ عَلِيلٌ،إِلاَّ خَرَجَ إِلَى غَدِيرِ خُمٍّ».
فَلَمَّا كَانَ مِنَ الْغَدِ خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ(صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)بِجَمَاعَةٍ مِنَ النَّاسِ [4] فَحَمِدَ اللَّهَ،وَ أَثْنَى عَلَيْهِ،ثُمَّ قَالَ:«أَيُّهَا النَّاسُ،إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى أَرْسَلَنِي إِلَيْكُمْ بِرِسَالَةٍ،وَ إِنِّي ضِقْتُ بِهَا ذَرْعاً مَخَافَةَ أَنْ تَتَّهِمُونِي وَ تُكَذِّبُونِي،حَتَّى أَنْزَلَ [5] اللَّهُ عَلَيَّ وَعِيداً بَعْدَ وَعِيدٍ،فَكَانَ تَكْذِيبُكُمْ إِيَّايَ أَيْسَرَ عَلَيَّ مِنْ عُقُوبَةِ اللَّهِ إِيَّايَ،إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى أَسْرَى بِي،وَ أَسْمَعَنِي،وَ قَالَ:يَا مُحَمَّدُ،أَنَا الْمَحْمُودُ وَ أَنْتَ مُحَمَّدٌ،شَقَقْتُ اسْمَكَ مِنِ اسْمِي،فَمَنْ وَصَلَكَ وَصَلْتُهُ،وَ مَنْ قَطَعَكَ بَتَكْتُهُ [6]،انْزِلْ إِلَى عِبَادِي فَأَخْبِرْهُمْ بِكَرَامَتِي إِيَّاكَ،وَ أَنِّي لَمْ أَبْعَثْ نَبِيّاً إِلاَّ جَعَلْتُ لَهُ وَزِيراً،وَ أَنَّكَ رَسُولِي وَ عَلِيّاً وَزِيرُكَ».
ثُمَّ أَخَذَ(صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)بِيَدَيْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ(عَلَيْهِ السَّلاَمُ)فَرَفَعَهُ،حَتَّى نَظَرَ النَّاسُ إِلَى بَيَاضِ إِبْطَيْهِمَا،وَ لَمْ يُرَيَا قَبْلَ ذَلِكَ،ثُمَّ قَالَ:«أَيُّهَا النَّاسُ،إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى مَوْلاَيَ،وَ أَنَا مَوْلَى الْمُؤْمِنِينَ،فَمَنْ كُنْتُ مَوْلاَهُ فَعَلِيٌّ مَوْلاَهُ، اللَّهُمَّ وَالِ مَنْ وَالاَهُ،وَ عَادِ مَنْ عَادَاهُ،وَ انْصُرْ مَنْ نَصَرَهُ،وَ اخْذُلْ مَنْ خَذَلَهُ».
فَقَالَ الشُّكَّاكُ وَ الْمُنَافِقُونَ وَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَ زَيْغٌ [7]:نَبْرَأُ إِلَى اللَّهِ مِنْ مَقَالَتِهِ،لَيْسَ بِحَتْمٍ،وَ لاَ نَرْضَى أَنْ يَكُونَ عَلِيٌّ وَزِيرَهُ،وَ هَذِهِ مِنْهُ عَصَبِيَّةٌ.
وَ قَالَ سَلْمَانُ وَ الْمِقْدَادُ وَ أَبُو ذَرٍّ وَ عَمَّارُ بْنُ يَاسِرٍ:وَ اللَّهِ،مَا بَرِحْنَا الْعَرْصَةَ حَتَّى نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ: اَلْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَ أَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَ رَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلاٰمَ دِيناً [8]فَكَرَّرَ رَسُولُ اللَّهِ(صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)ذَلِكَ
[1] هود 11:12.
[2] المائدة 5:67.
[3] في المصدر:أمر اللّه عزّ و جلّ فان يتهموني و يكذبوني فهو.
[4] في المصدر:بجماعة أصحابه.
[5] في«س»:فأنزل.
[6] في«ط»:قطعته.و في نسخة بدل منها:بتته.
[7] في«س»و«ط»:ضيق.
[8] المائدة 5:3.