فَبَعَثَ بِهِمْ إِلَى إِبِلِ الصَّدَقَةِ،يَشْرَبُونَ مِنْ أَبْوَالِهَا،وَ يَأْكُلُونَ مِنْ أَلْبَانِهَا،فَلَمَّا بَرَءُوا وَ اشْتَدُّوا قَتَلُوا ثَلاَثَةَ نَفَرٍ كَانُوا فِي الْإِبِلِ،وَ سَاقُوا الْإِبِلَ.فَبَلَغَ رَسُولَ اللَّهِ(صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)،فَبَعَثَ إِلَيْهِمْ عَلِيّاً(عَلَيْهِ السَّلاَمُ)وَ هُمْ فِي وَادٍ،قَدْ تَحَيَّرُوا لَيْسَ يَقْدِرُونَ أَنْ يَخْرُجُوا عَنْهُ،قَرِيبٌ مِنْ أَرْضِ الْيَمَنِ،فَأَخَذَهُمْ فَجَاءَ بِهِمْ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ(صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)،وَ نَزَلَتْ عَلَيْهِ إِنَّمٰا جَزٰاءُ الَّذِينَ يُحٰارِبُونَ اللّٰهَ وَ رَسُولَهُ إِلَى قَوْلِهِ: أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ فَاخْتَارَ رَسُولُ اللَّهِ(صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)أَنْ يَقْطَعَ أَيْدِيَهُمْ وَ أَرْجُلَهُمْ مِنْ خِلاَفٍ».
99-/3065 _14- عَنْ أَحْمَدَ بْنِ الْفَضْلِ الْخَاقَانِيِّ مِنْ آلِ رَزِينٍ،قَالَ: قُطِعَ الطَّرِيقُ بِجَلُولاَءَ [1] عَلَى السَّابِلَةِ [2] مِنَ الْحُجَّاجِ وَ غَيْرِهِمْ،وَ أَفْلَتَ الْقُطَّاعُ،فَبَلَغَ الْخَبَرُ الْمُعْتَصِمَ،فَكَتَبَ إِلَى عَامِلٍ لَهُ كَانَ بِهَا:تَأْمَنُ [3] الطَّرِيقَ بِذَلِكَ،يُقْطَعُ عَلَى طَرَفِ أُذُنِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ،ثُمَّ يَنْفَلِتُ الْقُطَّاعُ؟!فَإِنْ أَنْتَ طَلَبْتَ هَؤُلاَءِ وَ ظَفِرْتَ بِهِمْ،وَ إِلاَّ أَمَرْتُ بِأَنْ تُضْرَبَ أَلْفَ سَوْطٍ،ثُمَّ تُصْلَبَ بِحَيْثُ قُطِعَ الطَّرِيقُ.
قَالَ:فَطَلَبَهُمُ الْعَامِلُ حَتَّى ظَفِرَ بِهِمْ،وَ اسْتَوْثَقَ مِنْهُمْ،ثُمَّ كَتَبَ بِذَلِكَ إِلَى الْمُعْتَصِمِ،فَجَمَعَ الْفُقَهَاءَ قَالَ:وَ قَالَ بِرَأْيِ ابْنِ أَبِي دُؤَادَ [4]،ثُمَّ سَأَلَ الْآخَرِينَ عَنِ الْحُكْمِ فِيهِمْ،وَ أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ الرِّضَا(عَلَيْهِ السَّلاَمُ)حَاضِرٌ فَقَالُوا:
قَدْ سَبَقَ حُكْمُ اللَّهِ فِيهِمْ فِي قَوْلِهِ: إِنَّمٰا جَزٰاءُ الَّذِينَ يُحٰارِبُونَ اللّٰهَ وَ رَسُولَهُ وَ يَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسٰاداً أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَ أَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلاٰفٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ وَ لِأَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ أَنْ يَحْكُمَ بِأَيِّ ذَلِكَ شَاءَ فِيهِمْ؟ قَالَ:فَالْتَفَتَ إِلَى أَبِي جَعْفَرٍ(عَلَيْهِ السَّلاَمُ)،فَقَالَ لَهُ:مَا تَقُولُ فِيمَا أَجَابُوا فِيهِ؟فَقَالَ:«قَدْ تَكَلَّمَ هَؤُلاَءِ الْفُقَهَاءُ وَ الْقَاضِي بِمَا سَمِعَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ».قَالَ:وَ أَخْبِرْنِي بِمَا عِنْدَكَ.قَالَ:«إِنَّهُمْ قَدْ أَضَلُّوا فِيمَا أَفْتَوْا بِهِ،وَ الَّذِي يَجِبُ فِي ذَلِكَ أَنْ يَنْظُرَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ فِي هَؤُلاَءِ الَّذِينَ قَطَعُوا الطَّرِيقَ،فَإِنْ كَانُوا أَخَافُوا السَّبِيلَ فَقَطْ وَ لَمْ يَقْتُلُوا أَحَداً وَ لَمْ يَأْخُذُوا مَالاً أَمَرَ بِإِيدَاعِهِمُ الْحَبْسَ،فَإِنَّ ذَلِكَ مَعْنَى نَفْيِهِمْ مِنَ الْأَرْضِ بِإِخَافَتِهِمُ السَّبِيلَ،وَ إِنْ كَانَ أَخَافُوا السَّبِيلَ وَ قَتَلُوا النَّفْسَ أَمَرَ بِقَتْلِهِمْ،وَ إِنْ كَانُوا أَخَافُوا السَّبِيلَ وَ قَتَلُوا النَّفْسَ وَ أَخَذُوا الْمَالَ،أَمَرَ بِقَطْعِ أَيْدِيهِمْ وَ أَرْجُلِهُمْ مِنْ خِلاَفٍ وَ صَلْبِهِمْ بَعْدَ ذَلِكَ».قَالَ:فَكَتَبَ إِلَى الْعَامِلِ بِأَنْ يُمَثَّلَ ذَلِكَ فِيهِمْ.
99-/3066 _15- عَنْ بُرَيْدِ بْنِ مُعَاوِيَةَ الْعِجْلِيِّ،قَالَ: سَأَلَ رَجُلٌ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ(عَلَيْهِ السَّلاَمُ)عَنْ قَوْلِ اللَّهِ: إِنَّمٰا جَزٰاءُ الَّذِينَ يُحٰارِبُونَ اللّٰهَ وَ رَسُولَهُ إِلَى قَوْلِهِ: فَسٰاداً ،قَالَ:«ذَلِكَ إِلَى الْإِمَامِ يَعْمَلُ فِيهِ بِمَا شَاءَ».
[1] جلولاء:بلدة في العراق،على شاطئ دجلة الأيمن،كانت محطّة هامّة على طريق خراسان بين العراق و إيران.
[2] السابلة:المارّون على الطريق.
[3] في«ط»و المصدر:تأمر.
[4] في«س»:ابن داود،و الصواب ما في المتن،و هو أحمد بن أبي دواد بن جرير،ولي القضاء للمعتصم ثمّ للواثق.تجد ترجمته في تاريخ بغداد 4:141.