اسم الکتاب : البرهان في تفسير القرآن المؤلف : البحراني، السيد هاشم الجزء : 0 صفحة : 17
أما المدونات
الشيعية ، فهي تختص بروايات المعصومين ـ رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم والأئمة من أهل بيته عليهمالسلام ـ لا يدخلون فيها غير روايات أهل البيت عليهمالسلام من الآراء والآثار ، وهي تخلو نسبيا من الإسرائيليات التي يكثر نقلها في
الطائفة الأولى من المدونات التفسيرية ، ولكن المدونات الشيعية تعاني من آفة أخرى
في الرواية سوف نذكرها إن شاء الله.
المرحلة الثالثة : تبدأ تقريبا من القرن الخامس الهجري ، وفي هذه المرحلة
يكتسب علم التفسير نضجا حقيقيا ، ويبدأ علماء التفسير بممارسة الاجتهاد والرأي في
كتاب الله ، ويتجاوز التفسير مرحلة الرواية والنقل والتجميع إلى مرحلة الاجتهاد
والنظر والرأي من قبيل : الواحدي في القرن الخامس الهجري ، والزمخشري في القرن
الخامس والسادس الهجري ، وفخر الدين الرازي في القرن السادس الهجري ، من علماء
السنة ومن علماء الشيعة السيد الرضي في (حقائق التأويل) في القرن الرابع والخامس
الهجري ، وشيخ الطائفة الطوسي في القرن الخامس الهجري في تفسير (التبيان) وغيرهم.
ومنذ القرن الخامس
الهجري دخل التفسير بصورة في العلوم الإسلامية الرئيسية والأساسية ، وبدأ ينمو
ويتكامل وتكتمل عناصر نضجه بصورة مستمرة ، وفي حقول مختلفة ، ومن منطلقات مختلفة ،
كالفقه والعرفان والفلسفة والأدب والرواية والأخلاق ، وغيرها.
وتضافرت جهود
العلماء المتخصصين في القرآن في بلورة المفاهيم والأفكار والتصورات والأحكام
القرآنية بصورة منظمة ، كما تكونت في هذه المرحلة (علوم القرآن) إلى جنب التفسير ،
وهي سلسلة من المسائل الأساسية التي لا بد منها في البحث القرآني لأي باحث في
القرآن الكريم ، من قبيل : الإعجاز ، الناسخ والمنسوخ ، والمحكم والمتشابه ،
التفسير والتأويل.
وإذا أردنا أن
نتابع الحركة العلمية في التفسير وعلوم القرآن من القرن الخامس الهجري إلى اليوم
عند علماء الفريقين الشيعة والسنة ، نجد أن هذه المرحلة مرحلة خصبة في الفكر
القرآني ، تمخضت عن كثير من الأفكار والتصورات ، وفتحت على البشرية آفاقا واسعة
جديدة من القرآن ، واستنبطت الكثير من المسائل في مختلف أبواب المعرفة القرآنية.
ونستطيع أن نقول :
إن الحركة العقلية في القرآن الكريم ابتدأت في هذه المرحلة ، ودخل العقل الإسلامي
آفاق القرآن ، ولا زال يواصل جهده وحركته في آفاق كتاب الله.
وينبغي أن لا يغيب
عنا ركام الأخطاء والانحرافات التي أخلفها هذا الجهد العقلي خلال هذه الفترة ، فقد
حاولت المذاهب الفكرية والسياسية المختلفة إخضاع القرآن الكريم بالتأويل لصالح
أفكارها وعقائدها ، لا إخضاع آرائها وأفكارها للقرآن ، وبالتالي حملوا القرآن
الكريم ما لا يتحمل من توجهات فكرية مختلفة ، بعيدة عن روح القرآن الشفافة ،
وبعيدة عن رسالة القرآن.
وكان للحركات
الباطنية والصوفية قصب السبق في هذا المجال ، وبذلك حرموا من شفافية النص القرآني
وأصالته ، ومن روح القرآن وهديه.
اسم الکتاب : البرهان في تفسير القرآن المؤلف : البحراني، السيد هاشم الجزء : 0 صفحة : 17