الأبيات.
فبكى ثم قال: هذا شعر رجل جائع في جارية طبّاخة مليحة، فقلت له: من أين قلت ذاك؟
قال: لأنه بدأ فقال:
قلبي إلى ما ضرّني داعي
و كذلك الإنسان
يدعوه قلبه و شهوته إلى ما يضرّه من الطّعام و الشّراب فيأكله، فتكثر علله و
أوجاعه، و هذا تعريض، ثم صرّح فقال:
كيف احتراسي من عدوّي إذا
كان عدوّي بين أضلاعي
و ليس للإنسان
عدوّ بين أضلاعه إلّا معدته، فهي تتلف ماله، و هي سبب أسقامه، و هي مفتاح كلّ بلاء
عليه، ثم قال:
إن دام لي هجرك يا مالكي
أوشك أن ينعاني النّاعي
فعلمت أنّ
الطبّاخة كانت صديقته، و أنها هجرته ففقدها و فقد الطّعام، فلو دام ذلك عليه لمات
جوعا و نعاه النّاعي.
تمثل الحسن بن
وهب بشعره في حادثة له مع بنان
: و حدّثني
الصّوليّ قال حدّثني محمد بن عيسى قال:
جاء عبد اللّه
بن العبّاس بن الفضل بن الرّبيع إلى الحسن بن وهب، و عنده بنان جارية محمد بن
حمّاد، و هي نائمة سكرى و هو يبكي عندها. فقال له: مالك؟ قال: قد كنت نائما
فجاءتني فأنبهتني و قالت: اجلس حتى تشرب فجلست، فو اللّه ما غنّت/ عشرة أصوات حتى
نامت و ما شربت إلّا قليلا، فذكرت قول أشعر الناس و أظرفهم، العبّاس بن الأحنف.
صوت
أبكى الذين أذاقوني مودّتهم
حتى إذا أيقظوني للهوى رقدوا
فأنا أبكي و
أنشد هذا البيت.
كلام ابنه إبراهيم
في مدح شعر له و بلاغته و إنشاده له
: و حدّثني
الصّوليّ قال حدّثني القاسم بن إسماعيل قال:
سمعت إبراهيم
بن العبّاس يقول: ما رأيت كلاما محدثا أجزل في رقّة، و لا أصعب في سهولة، و لا
أبلغ في إيجاز، من قول العباس بن الأحنف:
تعالي تجدّد دارس العهد بيننا
كلانا على طول الجفاء ملوم
قال الصّوليّ:
و وجدت بخطّ عبد اللّه بن الحسن: أنشد أبو محمد الحسن بن مخلد قال: أنشدني إبراهيم
بن العباس بن الأحنف: