: أخبرني الحسن
بن عليّ قال حدّثنا محمد بن القاسم بن مهرويه قال حدّثني عبد اللّه بن أبي سعد قال
ذكر الحرمازيّ:
أنّ رجلا من
بني شيبان جاء إلى الأخطل فقال له: يا أبا مالك، إنّا، و إن كنّا بحيث تعلم من
افتراق العشيرة و اتّصال الحرب و العداوة، تجمعنا ربيعة، و إنّ لك عندي نصحا.
فقال: هاته، فما كذبت. فقلت: إنك قد هجوت جريرا و دخلت بينه و بين الفرزدق و أنت
غنيّ عن ذلك و لا سيما أنه يبسط لسانه بما ينقبض عنه لسانك و يسبّ ربيعة سبّا لا
تقدر على سبّ مضر بمثله و الملك فيهم و النبوّة قبله؛ فلو شئت أمسكت عن مشارّته و
مهارّته. فقال: صدقت في نصحك و عرفت مرادك، و صلتك رحم! فو الصّليب و القربان
لأتخلّصنّ إلى كليب خاصّة دون مضر بما يلبسهم خزيه و يشملهم عاره. ثم اعلم أنّ
العالم بالشعر لا يبالي و حقّ الصليب إذا مرّ به البيت المعاير [1] السائر الجيّد،
أ مسلم قاله أم نصراني.
أنشد عبد
الملك من شعره و تخيله في حانوت بدمشق فبحث عنه فكان كما ظن
: أخبرني وكيع
قال حدّثني أبو أيّوب المدينيّ عن أبي الحسن المدائنيّ قال: أصبح عبد الملك يوما
في غداة باردة، فتمثّل قول الأخطل:
إذا اصطبح الفتى منها ثلاثا
بغير الماء حاول أن يطولا
مشى قرشيّة لا شكّ فيها
و أرخى من مآزره الفضولا
ثم قال: كأنّي
أنظر إليه الساعة مجلّل [2] الإزار مستقبل الشمس في حانوت من حوانيت دمشق؛ ثم بعث
رجلا يطلبه فوجده كما ذكره.
قال أبو عمر
لأبي حيّة و قد أنشده معجبا بنفسه: كأنك الأخطل
: و قال هارون
بن الزيّات حدّثني طائع عن الأصمعيّ قال: أنشد أبو حيّة النّميريّ يوما أبا عمرو:
يا لمعدّ و يا للنّاس كلّهم
و يا لغائبهم يوما و من شهدا
/ كأنه معجب بهذا البيت؛ فجعل أبو عمرو يقول
له: إنك لتعجب بنفسك كأنك الأخطل.
عرض عليه عبد
الملك الإسلام و حواره معه في ذلك
: أخبرني الحسن
بن عليّ قال حدّثنا الغلابيّ عن عبد الرحمن التّيميّ عن هشام بن سليمان المخزوميّ:
أن الأخطل قدم
على عبد الملك، فنزل على ابن سرحون [3] كاتبه. فقال عبد الملك: على من نزلت؟ قال:
[1]
المعاير: المتداول بين الناس. و في ب، س: «العائر» و هو أيضا السائر بين الناس.
[3] كذا في
الأصول. و الذي في «العقد الفريد» (ج 2 ص 317): «و كان كاتبه- يعني عبد الملك-
سرحون بن منصور الرومي». و ذكره الطبري باسم «سرجون بن منصور الرومي» بالجيم، و
ذكر أنه كان كاتبا لمعاوية بن أبي سفيان ثم لمعاوية بن يزيد بن معاوية.