responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الاغانی المؤلف : ابو الفرج الإصفهاني    الجزء : 8  صفحة : 304

أن رجلا أنشد مصعب بن الزّبير قول جميل:

ما أنس لا أنس منها نظرة سلفت‌

بالحجر يوم جلتها أمّ منظور

فقال: لوددت أنّي عرفت كيف جلتها. فقيل له: إن أم منظور هذه حيّة. فكتب في حملها إليه مكرّمة فحملت إليه.

فقال لها: أخبريني عن قول جميل:

ما أنس لا أنس منها نظرة سلفت‌

بالحجر يوم جلتها أمّ منظور

كيف كانت هذه الجلوة؟ قالت [1]: ألبستها قلادة بلح و مخنقة بلح واسطتها تفّاحة، و ضفرت شعرها و جعلت في فرقها شيئا من الخلوق. و مرّ بنا جميل راكبا ناقته فجعل ينظر إليها بمؤخّر عينه و يلتفت إليها حتى غاب عنا. فقال لها مصعب: فإنّي أقسم عليك/ إلّا جلوت عائشة بنت طلحة مثل ما جلوت بثينة، ففعلت: و ركب مصعب ناقته و أقبل عليهما و جعل ينظر إلى عائشة بمؤخّر عينه و يسير حتى غاب عنهما ثم رجع.

زارها مرة متنكرا في زي سائل‌

: أخبرني الحرميّ قال حدّثنا الزّبير قال حدّثني بهلول عن بعض مشايخه:

أنّ جميلا جاء إلى بثينة ليلة و قد أخذ ثياب راع لبعض الحيّ، فوجد عندها ضيفانا لها، فانتبذ ناحية، فسألته:

من أنت؛ فقال: مسكين مكاتب [2]، فجلس/ وحده، فعشّت ضيفانها و عشّته وحده. ثم جلست هي و جارية لها على صلائهما و اضطجع القوم منتحين. فقال جميل:

واعدته مرة و أحس أهلها فمنعوها فقال في ذلك شعرا

:

هل البائس المقرور دان فمصطل‌

من النار أو معطى لحافا فلابس‌

فقالت لجاريتها: صوت جميل و اللّه! اذهبي فانظري!. فرجعت إليها فقالت: هو و اللّه جميل! فشهقت شهقة سمعها القوم فأقبلوا يجرون و قالوا مالك؟ فطرحت بردا لها من حبرة في النار و قالت: احترق بردي، فرجع القوم. و أرسلت جاريتها إلى جميل، فجاءتها به، فحبسته عندها ثلاث ليال، ثم سلّم عليها و خرج.

و قال الهيثم و أصحابه في أخبارهم:

كانت بثينة قد واعدت جميلا للالتقاء في بعض المواضع، فأتى لوعدها. و جاء أعرابيّ يستضيف القوم فأنزلوه و قروه، فقال لهم: إني قد رأيت في بطن هذا الوادي ثلاثة نفر متفرّقين متوارين في الشجر و أنا خائف عليكم أن يسلّوا [3] بعض إبلكم. فعرفوا أنه جميل و صاحباه، فحرسوا بثينة و منعوها من الوفاء بوعده. فلما أسفر له الصبح انصرف كئيبا سيّئ الظنّ بها و رجع إلى أهله، فجعل نساء الحيّ يقرّعنه بذلك و يقلن له: إنما حصلت منها على الباطل و الكذب و الغدر، و غيرها أولى بوصلك منها، كما أن غيرك يحظى بها. فقال في ذلك:

أ بثين إنك قد ملكت فأسجحي‌

و خذي بحظّك من كريم واصل‌


[1] في الأصول: «قال» و هو تحريف.

[2] المكاتبة: أن يكاتب الرجل عبده على مال يؤديه إليه منجما، فإذا أداه صار حرا.

[3] السل: انتزاع الشي‌ء و اغتصابه.

اسم الکتاب : الاغانی المؤلف : ابو الفرج الإصفهاني    الجزء : 8  صفحة : 304
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست