: أخبرني عليّ
بن صالح قال حدّثني عمر بن شبّة عن إسحاق قال:
لقي جميل بثينة
بعد تهاجر كان بينهما طالت مدّته، فتعاتبا طويلا فقالت له: ويحك يا جميل! أ تزعم
أنك تهواني و أنت الذي تقول:
رمى اللّه في عيني بثينة بالقذى
و في الغرّ من أنيابها بالقوادح!
فأطرق طويلا
يبكي ثم قال: بل أنا القائل:
ألا ليتني أعمى أصمّ تقودني
بثينة لا يخفى عليّ كلامها
/ فقالت له: ويحك! ما حملك على هذه المنى! أ و
ليس في سعة العافية ما كفانا جميعا!.
تجسس أبوهما
و أخوها كلامه مع بثينة فلم يريا ريبة
: قال إسحاق و
حدّثني أيّوب بن عباية قال:
سعت أمة لبثينة
بها إلى أبيها و أخيها و قالت لهما: إن جميلا عندها الليلة؛ فأتياها مشتملين على
سيفين، فرأياه جالسا حجرة منها يحدّثها و يشكو إليها بثّة، ثم قال لها: يا بثينة،
أ رأيت ودّي إياك و شغفي بك أ لا تجزينيه؟ قالت:
بما ذا؟ قال:
بما يكون بين المتحابّين. فقالت له: يا جميل، أ هذا تبغي! و اللّه لقد كنت عندي
بعيدا منه، و لئن عاودت تعريضا بريبة لا رأيت وجهي أبدا. فضحك و قال: و اللّه ما
قلت لك هذا إلا لأعلم ما عندك فيه، و لو علمت أنك تجيبينني إليه لعلمت أنك تجيبين
[3] غيري، و لو رأيت منك مساعدة عليه لضربتك بسيفي هذا ما استمسك في يدي، و لو
أطاعتني نفسي لهجرتك هجرة الأبد؛ أ و ما سمعت قولي:
و إنّي لأرضى من بثينة بالذي
لو أبصره الواشي لقرّت بلابله
بلا و بأن لا أستطيع و بالمنى
و بالأمل المرجوّ قد خاب آمله
و بالنّظرة العجلى و بالحول تنقضي
أواخره لا نلتقي و أوائله
قال فقال أبوها
لأخيها: قم بنا، فما ينبغي لنا بعد اليوم أن نمنع هذا الرجل من لقائها،/ فانصرفا و
تركاهما.
[1]
ترود أي تذهب و تجيء، يريد تحير ماء العين فيها.
[2]
القاويات: الخاليات. و الوئيد: الصوت العالي الشديد.