responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الاغانی المؤلف : ابو الفرج الإصفهاني    الجزء : 8  صفحة : 298

ألا قد أرى و اللّه أن ربّ عبرة

إذا الدّار شطّت بيننا سترود [1]

إذا فكّرت قالت قد أدركت ودّه‌

و ما ضرّني بخلي فكيف أجود

فلو تكشف الأحشاء صودف تحتها

لبثنة حبّ طارف و تليد

تذكّرنيها كلّ ريح مريضة

لها بالتّلاع القاويات وئيد [2]

و قد تلتقي الأشتات بعد تفرّق‌

و قد تدرك الحاجات و هي بعيد

عاتبته بثينة لشعر قاله فيها

: أخبرني عليّ بن صالح قال حدّثني عمر بن شبّة عن إسحاق قال:

لقي جميل بثينة بعد تهاجر كان بينهما طالت مدّته، فتعاتبا طويلا فقالت له: ويحك يا جميل! أ تزعم أنك تهواني و أنت الذي تقول:

رمى اللّه في عيني بثينة بالقذى‌

و في الغرّ من أنيابها بالقوادح!

فأطرق طويلا يبكي ثم قال: بل أنا القائل:

ألا ليتني أعمى أصمّ تقودني‌

بثينة لا يخفى عليّ كلامها

/ فقالت له: ويحك! ما حملك على هذه المنى! أ و ليس في سعة العافية ما كفانا جميعا!.

تجسس أبوهما و أخوها كلامه مع بثينة فلم يريا ريبة

: قال إسحاق و حدّثني أيّوب بن عباية قال:

سعت أمة لبثينة بها إلى أبيها و أخيها و قالت لهما: إن جميلا عندها الليلة؛ فأتياها مشتملين على سيفين، فرأياه جالسا حجرة منها يحدّثها و يشكو إليها بثّة، ثم قال لها: يا بثينة، أ رأيت ودّي إياك و شغفي بك أ لا تجزينيه؟ قالت:

بما ذا؟ قال: بما يكون بين المتحابّين. فقالت له: يا جميل، أ هذا تبغي! و اللّه لقد كنت عندي بعيدا منه، و لئن عاودت تعريضا بريبة لا رأيت وجهي أبدا. فضحك و قال: و اللّه ما قلت لك هذا إلا لأعلم ما عندك فيه، و لو علمت أنك تجيبينني إليه لعلمت أنك تجيبين [3] غيري، و لو رأيت منك مساعدة عليه لضربتك بسيفي هذا ما استمسك في يدي، و لو أطاعتني نفسي لهجرتك هجرة الأبد؛ أ و ما سمعت قولي:

و إنّي لأرضى من بثينة بالذي‌

لو أبصره الواشي لقرّت بلابله‌

بلا و بأن لا أستطيع و بالمنى‌

و بالأمل المرجوّ قد خاب آمله‌

و بالنّظرة العجلى و بالحول تنقضي‌

أواخره لا نلتقي و أوائله‌

قال فقال أبوها لأخيها: قم بنا، فما ينبغي لنا بعد اليوم أن نمنع هذا الرجل من لقائها،/ فانصرفا و تركاهما.


[1] ترود أي تذهب و تجي‌ء، يريد تحير ماء العين فيها.

[2] القاويات: الخاليات. و الوئيد: الصوت العالي الشديد.

[3] كانت هذه الكلمة في الأصول: «تحبين غيري».

اسم الکتاب : الاغانی المؤلف : ابو الفرج الإصفهاني    الجزء : 8  صفحة : 298
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست