فقال:
إني أسألك عن شيء تحاكمنا إليك فيه؛ فقال: و ما هو؟ عليكما لعنة اللّه. قال: فأيّ
الرجلين عندك أشعر:
أ جرير أم
الفرزدق؟ فقال: لعنكما اللّه و لعن جريرا و الفرزدق! أ مثلى يسأل عن هذين الكلبين!
قالا: لا بدّ من حكمك. قال: فإنّي سائلكم قبل ذلك عن ثلاث. قالوا: سل. قال: ما تقولون
في إمامكم إذا فجر؟ قالوا: نطيعه و إن عصى اللّه عزّ و جلّ. قال: قبحكم اللّه! فما
تقولون في كتاب اللّه و أحكامه؟ قالوا: ننبذه وراء ظهورنا و نعطّل أحكامه./ قال:
لعنكم اللّه إذا! فما تقولون في اليتيم؟ قالوا: نأكل ماله و ننيك أمّه. قال:
أخزاكم اللّه إذا! و اللّه لقد زدتموني فيكم [1] بصيرة. ثم ذهب لينصرف؛ فقالوا له:
إن الوفاء يلزمك، و قد سألتنا فأخبرناك و لم تخبرنا؛ فرجع فقال: من الذي يقول:
: أخبرني عمّ
أبي عبد العزيز بن أحمد قال حدّثنا الرّياشيّ قال قال الأصمعيّ و ذكر جريرا فقال
[5]:
كان ينهشه
ثلاثة أو ربعون شاعرا فينبذهم وراء ظهره و يرمي بهم واحدا واحدا، و منهم من كان
ينفحه [6] فيرمي به، و ثبت له الفرزدق و الأخطل. و قال جرير: و اللّه ما يهجوني
الأخطل وحده و إنه ليهجوني معه خمسون شاعرا كلّهم عزيز [7] ليس بدون الأخطل، و ذلك
أنه كان إذا أراد هجائي جمعهم على شراب، فيقول هذا بيتا و هذا بيتا، و ينتحل هو
القصيدة بعد أن يتمّموها.
قال ابن سلّام:
و حدّثني أبو البيداء الرّياحيّ قال قال الفرزدق: إنّي و إيّاه لنغترف من بحر واحد
و تضطرب دلاؤه عند طول النهر.
/ أخبرني
الحسين بن يحيى عن حمّاد عن أبيه قال حدّثني زيرك بن هبيرة المنانيّ قال:
كان جرير ميدان
الشعر، من لم يجر فيه لم يرو شيئا، و كان من هاجى جريرا فغلبه جرير أرجح عندهم
ممّن هاجى شاعرا آخر غير جرير فغلب.
[2] كذا في
«ديوانه» المخطوط بقلم المرحوم الأستاذ الشنقيطي (المحفوظ بدار الكتب المصرية تحت
رقم 1 أدب ش) و «شرح القاموس» (مادة قفر). و هي أم الفرزدق الشاعر. و في الأصول:
«فقير» بتقديم الفاء على القاف، و هو تصحيف.
[3] الأياطل:
جمع أيطل و هي الخاصرة. و لاحقة: ضامرة. و القود: جمع أقود و قوداء. و الأقود من
الخيل: الطويل العنق العظيمة.
[4] المغار:
الإغارة. و الأخدود. الشبق، يريد أثر حوافرها في الأرض.