responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الاغانی المؤلف : ابو الفرج الإصفهاني    الجزء : 5  صفحة : 275

صوت‌

بدير [1] القائم الأقصى‌

غزال شادن أحوى‌

برى حبّي له جسمي‌

و لا يعلم ما ألقى‌

و أكتم حبّه جهدي‌

و لا و اللّه ما يخفى‌

/ و ركبت فلحقت بالمعسكر و الرشيد قد جلس للشرب و طلبني فلم أوجد. و أخبرت بذلك،/ فغنّيت في الأبيات و دخلت إليه؛ فقال لي: أين كنت؟ ويحك! فأخبرته بالخبر و غنّيته الصوت؛ فطرب و شرب عليه حتى سكر، و أخّر الرحيل في غد، و مضينا إلى الدّير و نزله، فرأى الشيخ و استنطقه، و رأى الجارية التي كانت تخدمني بالأمس؛ فدعا بطعام خفيف فأصاب منه، و دعا بالشراب، و أمر الجارية التي كانت بالأمس تخدمني أن تتولّى خدمته و سقيه ففعلت، و شرب حتى طابت نفسه؛ ثم أمر للدّير بألف دينار، و أمر باحتمال خراجه له سبع سنين؛ فرحلنا.

قال حمّاد: فحدّثني أبي قال: فلما صرنا بتلّ عزاز من دابق [2] خرجت أنا و أصحاب لي نتنزّه في قرية من قراها، فأقمنا بها أيّاما، و طلبني الرشيد فلم يجدني. فلمّا رجعت أتيت الفضل بن الربيع؛ فقال لي: أين كنت؟

طلبك أمير المؤمنين؛ فأخبرته بنزهتنا فغضب. و خفت من الرشيد أكثر مما لقيت من الفضل؛ فقلت:

صوت‌

إنّ قلبي بالتّلّ تلّ عزاز

عند ظبي من الظّباء الجوازي [3]

شادن يسكن الشآم و فيه‌

مع ظرف العراق شكل [4] الحجاز

يا لقومي لبنت قسّ أصابت‌

منك صفو الهوى و ليست تجازي‌

حلفت بالمسيح أن تنجز الوع

د و ليست تهمّ بالإنجاز

و غنّيت فيه؛ ثم دخلت على الرشيد و هو مغضب؛ فقال: أين كنت؟ طلبتك فلم أجدك؛ فاعتذرت إليه و أنشدته هذا الشعر و غنّيته إياه؛ فتبسّم و قال: عذر و أبيك/ و أيّ عذر! و ما زال يشرب عليه و يستعيدنيه ليلته جمعاء حتى انصرفنا مع طلوع الفجر. فلمّا وصلت إلى رحلي إذا برسول أمير المؤمنين قد أتانا يدعونا؛ فوافيت فدخلت، و إذا ابن جامع يتمرّغ على دكّان في الدار و هو سكران يتململ؛ فقال لي: يا ابن الموصليّ، أ تدري ما جاء بنا؟ فقلت:

لا و اللّه ما أدري؛ فقال: لكنّي و اللّه أدري دراية صحيحة، جاءت بنا نصرانيّتك الزانية، عليك و عليها لعنة اللّه. و خرج الآذن فأذن لنا، فدخلنا. فلما رأيت الرشيد تبسّمت؛ فقال لي: ما يضحكك؟ فأخبرته بقول ابن جامع؛ فقال:

صدق [5]، ما هو إلا أن فقدتكم فاشتقت إلى ما كنّا فيه، فعودوا بنا، فعدنا فيه حتى انقضى مجلسنا و انصرفنا.


[1] دير القائم الأقصى: على شاطئ الفرات من جانبه الغربي في طريق الرقة. و ذكر ياقوت في «معجمه» و ابن فضل اللّه العمري في «مسالك الأبصار» بعد تعريفهما لهذا الدير قالا: «قال أبو الفرج: و قد رأيته، و هو مرقب من المراقب التي كانت بين الروم و الفرس، على أطراف الحدود». و فيهما أن هذه الأبيات لعبد اللّه بن مالك المغني، و قال الخالدي: هي لإسحاق الموصليّ.

[2] دابق: قرية قرب حلب من أعمال عزاز، بينها و بين حلب أربعة فراسخ.

[3] انظر الحاشية رقم 3 ص 373 من هذا الجزء.

[4] الشكل (بالكسر و الفتح): الدل.

[5] في الأصول: «ما صدق». و ظاهر أن «ما» مقحمة من الناسخ.

اسم الکتاب : الاغانی المؤلف : ابو الفرج الإصفهاني    الجزء : 5  صفحة : 275
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست