responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الاغانی المؤلف : ابو الفرج الإصفهاني    الجزء : 5  صفحة : 272

أراق دما لو لا الهوى ما أراقه‌

فهل [1] بدمي من ثائر أو مطالب‌

قال: فقلت له: ما سمعت أحسن من هذا الشعر قطّ؛ فقال لي: فاصنع فيه؛ فصنعت فيه لحنا؛ و أحضرني و صيفة له، فألقيته عليها حتى أخذته؛ و قال: إنما أردت أن أتسلّى به في طريقي و تذكّرني به الجارية أمرك إذا غنّته.

فكان كلما ذكر أتاني برّه، إلى أن قدم، عدّة دفعات. لم أجد لإسحاق صنعة في هذا الشعر، و الذي وجدت فيه لعبد اللّه بن طاهر خفيف رمل، ذكره ابنه عبيد اللّه عنه. و لمخارق لحن من الرمل. و لعمرو بن بانة هزج بالوسطى.

و لمخارق و الطاهريّة خفيف ثقيل.

سأل عنه المتوكل حين كف فأحضره ثم غناه فوصله:

حدّثني جحظة قال حدّثني أبو عبد اللّه محمد بن/ حمدون قال:

سأل المتوكّل عن إسحاق الموصليّ، فعرف أنه قد كفّ و أنه في منزله ببغداد؛ فكتب في إحضاره. فلما دخل عليه رفعه حتى أجلسه قدّام السرير، و أعطاه مخدّة، و قال له: بلغني أن المعتصم دفع إليك مخدّة في أوّل يوم جلست بين يديه و هو خليفة، و قال: إنه لا يستجلب ما عند حرّ بمثل الكرامة؛ ثم سأله: هل أكل؟ فقال نعم؛ فأمر أن يسقى؛ فلما شرب أقداحا قال: هاتوا لأبي محمد عودا فجي‌ء به؛ فاندفع يغنّي بصوت الشعر فيه و الغناء له:

صوت‌

ما علّة الشيخ عيناه بأربعة [2]

تغرورقان بدمع ثم تنسكب‌

- قال أبو عبد اللّه: فو اللّه ما بقي غلام من الغلمان الوقوف على الحير [3] إلا وجدته يرقص طربا و هو لا يعلم بما يفعل- فأمر له بمائة ألف درهم. ثم قال لي المتوكل: يا ابن حمدون، أ تحسن أن تغنّيني هذا الصوت؟ فقلت نعم؛ قال: غنّه؛ فترنّمت به؛ فقال إسحاق: من هذا الذي يحكيني؟ فقال: هذا ابن صديقك حمدون؛ فقال: وددت أنه يحسن أن يحكيني؛ فقلت له: أنت عرّضتني له يا أمير المؤمنين. ثم انحدر المتوكل إلى رقّة [4] بوصرا؛ و كان يستطيبها لكثرة تغريد الأطيار بها، فغنّى إسحاق:

صوت‌

أ أن هتفت ورقاء في رونق الضّحى‌

على غصن غضّ الشباب من الرّند

بكيت كما يبكي الحزين صبابة

و شوقا و تابعت الحنين إلى نجد

فضحك المتوكل و قال له: يا إسحاق، هذه أخت فعلتك بالواثق لمّا غنّيته بالصالحيّة [5]:


[1] في ح: «فهل يدري ذا من ثائر أو مطالب».

[2] يقال: عيناه تدمعان بأربعة، أي تسيلان بأربعة آماق، و ذلك أشدّ البكاء.

[3] كذا في ح. و الحير: اسم قصر بسر من رأى بناه المتوكل و أنفق على عمارته أربعة آلاف ألف درهم. (راجع ياقوت في الكلام على الحير). و في سائر الأصول: «الخبر» بالخاء المعجمة و الباء الموحدة، و هو تصحيف.

[4] الرقة: كل أرض إلى جنب واد ينبسط عليها الماء. و بوصرا: قرية من قرى بغداد.

[5] الصالحية: قرية قرب الرها من أرض الجزيرة، احتلها عبد الملك بن صالح الهاشمي.

اسم الکتاب : الاغانی المؤلف : ابو الفرج الإصفهاني    الجزء : 5  صفحة : 272
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست