responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الاغانی المؤلف : ابو الفرج الإصفهاني    الجزء : 5  صفحة : 23

أقحمت [1] السنة نابغة بني جعدة، فدخل على ابن الزبير المسجد الحرام، فأنشده:

حكيت لنا الصّدّيق لمّا وليتنا

و عثمان و الفاروق فارتاح معدم‌

أتاك أبو ليلى يجوب به الدّجى‌

دجى الليل جوّاب الفلاة عثمثم [2]

لتجبر منه جانبا زعزعت [3] به‌

صروف الليالي و الزمان المصمّم‌

/ فقال له ابن الزبير: هوّن عليك أبا ليلى، فإنّ الشعر أهون و سائلك عندنا، أمّا صفوة ما لنا فلآل الزبير، و أما عفوته [4] فإنّ بني [5] أسد بن عبد العزّى تشغلها عنك و تيما معها، و لكن لك في مال اللّه حقّان: حقّ برؤيتك رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم، و حقّ بشركتك أهل الإسلام في فيئهم؛ ثم أخذ بيده فدخل به دار النّعم، فأعطاه قلائص [6] سبعا و جملا رجيلا [7]؛ و أوقر له الإبل برّا و تمرا و ثيابا، فجعل النابغة يستعجل فيأكل الحبّ صرفا؛ فقال ابن الزبير: ويح أبي ليلي! لقد بلغ به الجهد؛ فقال النابغة: أشهد أني سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم يقول: «ما وليت قريش فعدلت و استرحمت فرحمت و حدّثت فصدقت و وعدت خيرا فأنجزت فأنا و النبيّون فرّاط [8] القاصفين» و قال الحرميّ: «فرّاط لها ضمن». قال الزّبيريّ: كتب يحيى بن معين هذا الحديث عن أخي.

ضربه أبو موسى الأشعري أسواطا فهجاه:

أخبرني أبو الحسن الأسديّ أحمد بن محمد بن عبد اللّه/ بن صالح و هاشم بن محمد الخزاعيّ أبو دلف قالا حدّثنا الرّياشيّ قال قال أبو سليمان عن الهيثم بن عديّ [قال‌] [9]:

رعت بنو عامر بالبصرة في الزرع، فبعث أبو موسى الأشعريّ في طلبهم، فتصارخوا: يا آل عامر، يا آل عامر! فخرج النابغة الجعديّ و معه عصبة له؛ فأتي به إلى أبي موسى الأشعريّ، فقال له: ما أخرجك؟ قال: سمعت داعية قومي؛ قال: فضربه أسواطا؛ فقال النابغة:

رأيت البكر بكر بني ثمود

و أنت أراك بكر الأشعرينا


[1] أقحمته: ألقته و رمت به. و السنة: الجدب، أي أخرجه الجدب من البادية و أدخله الريف حيث الخضرة و الماء.

[2] العثمثم: الجمل الشديد الطويل.

[3] في ط، ء: «ذعذعت» بالذال المعجمة و هي بمعنى «زعزعت».

[4] عبارة ابن الأثير في «النهاية» (مادة عفا) و نقلها عنه صاحب «اللسان»: «... أنه قال للنابغة: أما صفو أموالنا فلآل الزبير، و أما عفوه فإن تيما و أسدا تشغله عنك. قال الحربيّ: العفو: أحل المال و أطيبه. و قال الجوهريّ: عفو المال ما يفضل عن النفقة. و كلاهما جائز في اللغة و الثاني أشبه بهذا الحديث»، و هذا التوجيه الأخير لابن الأثير. و أما عفوة المال و الطعام و الشراب (بالفتح) و عفوته (بالكسر عن كراع): فهي خياره و ما صفا منه و كثر. و ظاهر أنها لا تلائم سياق الحديث، لذلك نرى أن رواية النهاية في هذا الأثر أصح مما ورد في الأصول هنا.

[5] بنو أسد: قبيلة منها الزبير بن العوّام والد عبد اللّه هذا. و تيم: قبيلة منها أبو بكر الصدّيق رضوان اللّه عليه و هو جدّ ابن الزبير لأمه.

[6] القلائص: جمع قلوص و هي الشابة من الإبل بمنزلة الجارية من النساء.

[7] في ح: «رحيلا» بالحاء المهملة، و الرجيل و الرحيل من الإبل: القوي على السير.

[8] كذا في «النهاية» في «غريب الحديث» و «الدر النثير» للسيوطي (مادتي فرط و قصف)، و فيه رواية أخرى أشار إليها السيوطي في «الدر النثير» (مادة قصف) و هي «فراط القاصفين»، و بهذه الرواية ورد الحديث في م «و اللسان» (مادتي فرط و قصف). و قد وردت كلمة «القاصفين» في أكثر الأصول هاهنا مضطربة، ففي ط، ء: «فرّاط لها ضفن و قال الحرميّ ... إلخ». و في باقي الأصول: «فراط لها ضمين و قال الحرميّ ... إلخ». الفرّاط: المتقدمون إلى الشفاعة أو إلى الحوض. و القاصفون: المزدحمون. و ضمن: كافلون.

[9] هذه الكلمة ساقطة في ب، س.

اسم الکتاب : الاغانی المؤلف : ابو الفرج الإصفهاني    الجزء : 5  صفحة : 23
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست