responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الاغانی المؤلف : ابو الفرج الإصفهاني    الجزء : 5  صفحة : 155

عند الخاصّ و العامّ؟ فغاظني قوله، ثم سهّلت على نفسي أمره فأخذت العود فجسسته ثم ضربت فغنّيت؛ فقال:

أحسنت يا إبراهيم؛ فازداد غيظي و قلت: ما رضي بما فعله من دخوله عليّ بغير إذن و اقتراحه أن أغنيه حتى سمّاني و لم يكنّني و لم يجمل مخاطبتي!. ثم قال: هل لك أن تزيدنا؟ فتذمّمت [1] فأخذت العود فغنّيت؛ فقال: أجدت يا أبا إسحاق!/ فأتم [2] حتى نكافئك و نغنّيك؛ فأخذت العود و تغنّيت و تحفّظت و قمت بما غنّيته إياه [قياما] [3] تامّا ما تحفّظت مثله و لا قمت بغناء كما قمت به له بين يدي خليفة قطّ و لا غيره، لقوله لي: أكافئك؛ فطرب و قال:

أحسنت [4] يا سيّدي، ثم قال: أ تأذن لعبدك بالغناء؟ فقلت: شأنك، و استضعفت عقله في أن يغنّيني بحضرتي بعد ما سمعه منّي؛ فأخذ العود و جسّه و حبسه، فو اللّه لخلته ينطق بلسان عربيّ لحسن ما سمعته من صوته [5]، ثم تغنّى:

صوت‌

و لي كبد مقروحة من يبيعني‌

بها كبدا ليست بذات قروح‌

أباها عليّ الناس لا يشترونها

و من يشتري ذا علّة [6] بصحيح‌

أئنّ من الشوق الذي في جوانبي‌

أنين غصيص بالشراب جريح‌

قال إبراهيم: فو اللّه لقد ظننت الحيطان و الأبواب و كلّ ما في البيت يجيبه و يغنّي معه من حسن غنائه، حتى خلت و اللّه أنّي أسمع أعضائي [7] و ثيابي تجاوبه، و بقيت مبهوتا لا أستطيع الكلام و لا الجواب و لا الحركة لما خالط قلبي؛ ثم غنّى:

صوت‌

ألا يا حمامات اللّوى عدن عودة

فإنّي إلى أصواتكنّ حزين‌

فعدن فلما عدن كدن يمتنني‌

و كدت بأسراري لهنّ أبين‌

/ دعون بترداد الهدير كأنما

سقين حميّا أو بهنّ جنون‌

فلم تر عيني مثلهنّ حمائما

بكين و لم تدمع لهنّ عيون‌

- لم أعرف في هذه الأبيات لحنا ينسب إلى إبراهيم، و الذي عرفته لمحمد بن الحارث بن بُسخُنَّر [8] خفيف رمل- فكاد، و اللّه أعلم، عقلي أن يذهب طربا و ارتياحا لما سمعت؛ ثم غنّى:


[1] تذمم الرجل: استنكف، يقال: لو لم أترك الكذب تأثما لتركته تذمما، أي مجانبة للذم.

[2] في ط، ء و «مختار الأغاني»: «فأتمم هزارك». و الهزار: كلمة فارسية من معانيها الأنشودة و المقطوعة.

[3] الزيادة عن ط، ء.

[4] في ط، ء: «أحسنت يا سيدي و يا أوثق عددي».

[5] في ط، ء: «من ضربه».

[6] في ط، ء: «ذا عرّة». و العرّة: الجرب.

[7] كذا في ط، ء. و في سائر الأصول: «أني و عظامي و ثيابي ... إلخ».

[8] كذا في ط، ء. و قد صححه الأستاذ الشنقيطي في عدّة مواضع بنسخته الخاصة المحفوظة بدار الكتب المصرية تحت رقم (144 أدب ش). و قد ورد في سائر الأصول: «بشخير» و هو تصحيف.

اسم الکتاب : الاغانی المؤلف : ابو الفرج الإصفهاني    الجزء : 5  صفحة : 155
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست