responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الاغانی المؤلف : ابو الفرج الإصفهاني    الجزء : 5  صفحة : 138

كان [1] لي و أنا صبيّ عقعق [2] قد ربّيته و كان يتكلّم بكلّ شي‌ء سمعه، فسرق خاتم ياقوت كان لأبي [3] قد وضعه على تكأته و دخل الخلاء ثم خرج و لم يجده، فطلبه و ضرب غلامه الذي كان واقفا، فلم يقف له على خبر؛ فبينا أنا ذات يوم في دارنا إذ أبصرت العقعق قد نبش ترابا فأخرج الخاتم منه و لعب به طويلا، ثم ردّه فيه و دفنه، فأخذته و جئت به إلى أبي، فسرّ بذلك و قال يهجو العقعق:

إذا بارك اللّه في طائر

فلا بارك اللّه في العقعق‌

طويل الذّنابى [4] قصير الجناح‌

متى ما يجد غفلة يسرق‌

يقلّب عينين في رأسه‌

كأنهما قطرتا زئبق‌

قصته مع ابن جامع بين يدي الرشيد و ما كان منه في رضا الرشيد عن محمد الزف:

أخبرني الحسن بن عليّ قال حدّثنا عبد اللّه بن أبي سعد قال حدّثني أحمد بن المكّيّ، و ذاكرت أبا أحمد بن جعفر جحظة بهذا الخبر فقال حدّثني به محمد بن أحمد بن يحيى المكي/ المرتجل [5] عن أبيه عن جدّه، و وجدت هذا الخبر في بعض الكتب عن عليّ بن محمد بن نصر عن جدّه حمدون بن إسماعيل فجمعت الروايات كلّها:

/ أنّ الرشيد قال يوما لجعفر بن يحيى: قد طال سماعنا هذه العصابة على اختلاط الأمر فيها فهلمّ أقاسمك إياها و أخايرك، فاقتسما المغنّين، على أن جعلا بإزاء كل رجل نظيره، و كان ابن جامع في حيّز الرشيد و إبراهيم في حيّز جعفر بن يحيى، و حضر الندماء لمحنة [6] المغنّين، و أمر الرشيد ابن جامع فغنّى صوتا أحسن فيه كلّ الإحسان و طرب الرشيد غاية الطرب، فلما قطعه قال الرشيد لإبراهيم: هات يا إبراهيم هذا الصوت فغنّه؛ فقال: لا و اللّه يا أمير المؤمنين ما أعرفه، و ظهر الانكسار فيه؛ فقال الرشيد لجعفر: هذا واحد، ثم قال لإسماعيل بن جامع: غنّ يا إسماعيل، فغنّى صوتا ثانيا أحسن من الأول و أرضى في كل حال، فلما استوفاه قال الرشيد لإبراهيم: هاته يا إبراهيم، قال: و لا أعرف هذا؛ فقال: هذان اثنان، غنّ يا إسماعيل، فغنّى ثالثا يتقدّم الصوتين الأوّلين و يفضلهما، فلما أتى على آخره، قال: هاته يا إبراهيم، قال: و لا أعرف هذا أيضا؛ فقال له جعفر: أخزيتنا أخزاك اللّه. قال: و أتمّ ابن جامع يومه و الرشيد مسرور به، و أجازه بجوائز كثيرة و خلع عليه خلعا فاخرة، و لم يزل إبراهيم منخذلا منكسرا حتى انصرف. قال: فمضى إلى منزله، فلم يستقرّ فيه حتى بعث إلى محمد المعروف بالزّف [7]، و كان محمد من المغنّين المحسنين، و كان أسرع من عرف في أيامه في أخذ صوت يريده أخذه، و كان الرشيد قد وجد عليه في بعض ما يجده الملوك على أمثاله فألزمه بيته و تناساه؛ فقال إبراهيم للزّف: إني اخترتك على من هو


[1] في ب، س، م: «و كان».

[2] العقعق: طائر على قدر الحمامة و هو على شكل الغراب، و جناحاه أكبر من جناحي الحمامة، و العرب تتشاءم به و تضرب به المثل في السرقة و الخيانة و الخبث.

[3] كذا في ط، ء. و في سائر النسخ: «فوضعه».

[4] الذنابي: الذنب.

[5] كذا في ط، ء. و في سائر الأصول: «المرتحل» بالحاء المهملة، و هو تصحيف.

[6] المحنة: الاختبار، يقال: محنه إذا اختبره و جرّبه.

[7] في ط، ء: «الرف» (بالراء المهملة). (راجع الحاشية رقم 2 ص 306 من الجزء الأوّل من «الأغاني» من هذه الطبعة).

اسم الکتاب : الاغانی المؤلف : ابو الفرج الإصفهاني    الجزء : 5  صفحة : 138
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست