responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الاغانی المؤلف : ابو الفرج الإصفهاني    الجزء : 5  صفحة : 129

منّي فلا تغنّ فلست فيه كما أرضى؛ فصاح أبي عليّ صيحة شديدة ثم قال لي: و ما يدريك يا صبيّ! ثم أقبل على الرجل فقال: أنت يا حبيبي بضدّ ما قال، و إن لزمت الصّناعة برعت فيها؛ فلما خلا بي قال لي: يا أحمق! ما عليك أن يخزي اللّه مائة ألف مثل هذا! هؤلاء أغنياء ملوك، و هم يعيّروننا بالغناء، فدعهم يتهتكوا به و يعيّروا و يفتضحوا و يحتاجوا إلينا فننتفع بهم، و يبين فضلنا لدى الناس بأمثالهم. قال: و لزمه النّهيكيّ يأخذ عنه و يبرّه فيجزل، فكان إذا غنّى فأحسن قال له: بارك اللّه فيك، و إذا أساء قال: بارك اللّه عليك؛ و كثر ذلك منه حتّى عرف النّهيكيّ معناه فيه، فغنّى يوما و أبي ساه عنه فسكت و لم يقل له شيئا؛ فقال له: جعلت فداك، يا أستاذي، أ هذا الصوت من أصوات «فيك»/ أم «عليك»؟ فضحك أبي و لم يكن علم [1] أنه قد فطن لقوله، ثم قال له: و اللّه لأقبلنّ عليك حتّى تصير كما تشتهي، فإنك ظريف أديب؛ و غني به حتى حسن غناؤه و تقدّم. و فيه يقول أبي:

أوجب اللّه لك الح

قّ على مثلي بظرفك‌

لن تراني بعد هذا

ناطقا إلّا بوصفك‌

و ترى القوّة فيما

تشتهيه بعد ضعفك‌

احتكم إليه مخارق و إسحاق فحكم لإسحاق:

أخبرني إسماعيل قال حدّثني عمر بن شبّة عن إسحاق، أخبرني به الصّوليّ عن عون بن محمد عن إسحاق قال:

غنّى مخارق بين يدي الرشيد صوتا فأخطأ في قسمته؛ فقلت له: أعد فأعاده، و كان الخطأ خفيّا، فقلت للرّشيد: يا سيّدي، قد أخطأ فيه؛ فقال لإبراهيم بن المهديّ: ما تقول فيما ذكره إسحاق؟ قال: ليس الأمر كما قال، و لا هاهنا خطأ؛ فقلت له: أ ترضى بأبي؟ قال: إي و اللّه، و كان أبي في بقايا علّة؛ فأمر الرشيد بإحضاره و لو محمولا، فجي‌ء به في محفّة؛ فقال لمخارق: أعد الصوت، فأعاده: فقال: ما عندك يا إبراهيم في هذا الصوت؟

فقال: قد أخطأ فيه؛ فقال له: هكذا قال ابنك إسحاق، و ذكر أخي إبراهيم أنه صحيح؛ فنظر إليّ ثم قال: هاتوا دواة، فأتي بها و كتب شيئا لم يقف عليه أحد ثم قطعه و وضعه بين يدي الرشيد، و قال لي: اكتب بذكر الموضع الفاسد من قسمة هذا الصوت، فكتبته و ألقيته فقرأه و سرّ، و قام فألقاه بين يدي الرشيد، فإذا الذي قلناه جميعا متفق؛ فضحك و عجب، و لم يبق/ أحد في المجلس إلا قرّظ و أثنى و وصف، و لا أحد خالف إلّا خجل و ذلّ و أذعن.

و قال أبي في ذلك:

ليت من لا يحسن العل

م كفانا شرّ علمه‌

فاخبر الحقّ ابتداء

و قس العلم بفهمه‌

طيّب الرّيحان لا تع

رفه إلا بشمّه‌

حديث بين ابنه إسحاق و الرشيد في المال الذي أخذه هو من الرشيد:

حدّثني جحظة قال حدّثني هبة اللّه، و حدّثني محمد بن مزيد قال حدّثنا حمّاد بن إسحاق عن أبيه قال:

غنّى أبي يوما بحضرة الرشيد:


[1] كذا في ح. و في أ، م: «و لم يكن علم اللّه أنه ... إلخ». و في سائر الأصول: «و لم يكن علم أبي أنه ... إلخ».

اسم الکتاب : الاغانی المؤلف : ابو الفرج الإصفهاني    الجزء : 5  صفحة : 129
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست