responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الاغانی المؤلف : ابو الفرج الإصفهاني    الجزء : 5  صفحة : 112

ضياعه، و سوى الصّلات النّزرة التي لم يحفظها؛ و لا و اللّه ما رأيت أكمل مروءة منه، كان له طعام/ معدّ في كل وقت؛ فقلت لأبي: أ كان يمكنه ذلك؟ فقال: كان له في كل يوم ثلاث شياه: واحدة مقطّعة في القدور، و أخرى مسلوخة و معلّقة، و أخرى حيّة، فإذا أتاه قوم طعموا ما في القدور، فإذا فرغت قطّعت الشاة المعلّقة و نصبت القدور و ذبحت الحيّة فعلّقت و أتي بأخرى فجعلت و هي حيّة في المطبخ؛ و كانت وظيفته لطعامه و طيبه و ما يتّخذ له في كل شهر ثلاثين ألف درهم سوى ما كان يجري و سوى كسوته؛ و لقد اتفق عندنا مرّة من الجواري الودائع لإخوانه ثمانون جارية، ما منهنّ واحدة إلا و يجري عليها من الطعام و الكسوة و الطّيب مثل ما يجري لأخصّ جواريه، فإذا ردّت الواحدة منهنّ إلى مولاها وصلها و كساها، و مات و ما في ملكه إلا ثلاثة آلاف دينار، و عليه من الدّين سبعمائة دينار قضيت منها.

اشترى منه الرشيد جارية و سأله الحطيطة من ثمنها فكان منه ما دل على سمو نفسه:

أخبرني محمد بن خلف وكيع و يحيى بن عليّ بن يحيى و ابن/ المرزبان قالوا أخبرنا حمّاد بن إسحاق قال:

كان أبي يحدّث أن الرشيد اشترى من جدّي جارية بستة و ثلاثين ألف دينار، فأقامت عنده ليلة، ثم أرسل إلى الفضل بن الربيع: إنا اشترينا هذه الجارية من إبراهيم، و نحن نحسب أنها من بابتنا [1] و ليست كما ظننتها، و ما قربتها، و قد ثقل عليّ الثمن و بينك و بينه ما بينكما، فاذهب إليه فسله أن يحطّنا من ثمنها ستة آلاف دينار؛ قال:

فصار الفضل إليه فاستأذن [عليه‌] [2] فخرج جدّي فتلقّاه؛ فقال: دعني من هذه الكرامة التي لا مئونة بيننا فيها، لست ممّن يخدع، و قد جئتك في أمر أصدقك عنه، ثم أخبره الخبر كلّه؛ فقال له إبراهيم: إنه أراد أن يبلو قدرك عندي؛ قال: ذاك/ أراد! قال: فمالي كلّه صدقة في المساكين إن لم أضعّفه لك، قد حططتك [3] اثني عشر ألف دينار؛ فرجع الفضل إليه بالخبر؛ فقال: ويلك! ادفع إلى هذا ماله، فما رأيت سوقة قطّ أنبل نفسا منه. قال أبي: و كنت قد أتيت جدّك فقلت: ما كان لحطيطة هذا المال معنى و ما هو بقليل، فتغافل عنّي و قال: أنت أحمق، أنا أعرف الناس به، و اللّه لو أخذت المال منه كملا [4] ما أخذته إلا و هو كاره، و يحقد ذلك عليّ و كنت أكون عنده صغير القدر، و قد مننت عليه و على الفضل، و انبسطت نفسه و نشط و عظم قدري عنده، و إنما اشتريت الجارية بأربعين ألف درهم، و قد أخذت بها أربعة و عشرين ألف دينار، فلما حمل المال إليه بلا حطيطة دعاني فقال لي: كيف رأيت يا إسحاق! من البصير أنا أم أنت؟ فقلت: بل أنت جعلني اللّه فداءك.

حوار الفضل بن يحيى له و قد رآه خارجا من عند الفضل بن الربيع:

حدّثني وكيع قال حدّثنا حمّاد قال حدّثني أبي قال:


[1] البابة: الوجه و الطريق، و يقال: هذا شي‌ء من بابتك، أي يصلح لك (راجع الحاشية رقم 9 ص 179 من الجزء الأوّل من هذا الكتاب طبع دار الكتب المصرية).

[2] زيادة عن م.

[3] كذا في ط، ء. و في م: «حططته». و في سائر الأصول: «حططت».

[4] كملا (بفتحتين) أي كاملا وافيا. قال الليث: هكذا يتكلم به في الجمع و الوحدان سواء لا يثني و لا يجمع و ليس بمصدر و لا نعت و إنما هو كقولك: أعطيته المال كله. (انظر «المصباح المنير» و «اللسان» مادة كمل).

اسم الکتاب : الاغانی المؤلف : ابو الفرج الإصفهاني    الجزء : 5  صفحة : 112
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست