responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الاغانی المؤلف : ابو الفرج الإصفهاني    الجزء : 21  صفحة : 42

لم يظهرها و ينسبها لنفسه، فأسترها عليه، فإذا كان هذا قول إسحاق في أبيه فمن يعتذر بعده من أن يكون له جيّد و ردي‌ء، و ما عري أحد في صناعة من الصناعة من حال ينقصه عن الغاية، لأن الكمال شي‌ء تفرّد اللّه العظيم به، و النقصان جبلّة طبع بني آدم [1] عليها، و ليس ذلك إذا وجد في بعض أغاني عريب مما يدعو إلى إسقاط سائرها، و يلزمه اسم الضّعف و اللّين، و حسب المحتجّ لها شهادة إسحاق بتفضيلها، و قلّما شهد/ لأحد، أو سلم خلق- و إن تقدّم و أجمع على فضله- من شينه [2] إيّاه و طعنه عليه، لنفاسته في هذه الصناعة، و استصغاره أهلها، فقد تقدّم في أخباره مع علّوية، و مخارق، و عمرو بن بانة، و سليم بن سلام، و حسين بن محرز، و من قبلهم/ و من فوقهم مثل ابن جامع و إبراهيم بن المهديّ و تهجينه إياهم، و موافقته لهم على خطئهم فيما غنّوه و صنعوه مما يستغنى به عن الإعادة في هذا الموضع، فإذا انضاف فعله هذا بهم، و تفضيله إياها، كان ذلك أدلّ على التحامل ممّن طعن عليها، و إبطاله فيما ذكرها به، و لقائل ذلك- و هو أبو عبد اللّه الهشامي- سبب كان يصطنعه عليها، فدعاه إلى ما قال، نذكره بعد هذا إن شاء اللّه تعالى.

و مما يدلّ على إبطاله أنّ المأمون أراد أن يمتحن إسحاق في المعرفة بالغناء القديم و الحديث، فامتحنه بصوت من غنائها من صنعتها، فكاد يجوز عليه، لو لا أنه أطال الفكر و التلوّم و استثبت، مع علمه بالمذاهب في الصنعة، و تقدّمه في معرفة النّغم و عللها، و الإيقاعات و مجاريها.

و أخبرنا بذلك يحيى بن عليّ بن يحيى: قال: حدثني أبي عن إسحاق:

فأمّا السبب الذي كان من أجله يعاديها الهشامي، فأخبرني به يحيى بن محمد بن عبد اللّه بن طاهر قال: ذكر لأبي أحمد عبيد اللّه بن عبد اللّه بن طاهر عميّ أنّ الهشاميّ زعم أن أحسن صوت صنعته عريب:

صاح قد لمت ظالما

و إن غناءها بمنزلة قول أبي دلف في خالد:

يا عين بكّي خالدا

ألفا و يدعى واحدا

فقال: ليس الأمر كما ذكر، و لعريب صنعة فاضلة متقدّمة، و إنما قال هذا فيها/ ظلما و حسدا، و غمطها ما تستحقّه من التّفضيل، بخبر لها معه طريف، فسألناه عنه، فقال: أخرجت الهشاميّ معي إلى سرّ من رأى، بعد وفاة أخي، يعني أبا محمد بن عبد اللّه بن طاهر، فأدخلته على المعتزّ، و هو يشرب، و عريب تغنّي، فقال له: يا بن هشام، غنّ، فقال: تبت من الغناء قتل سيّدي المتوكل، فقالت له عريب: قد و اللّه أحسنت حيث تبت، فإن غناءك كان قليل المعنى، لا متقن [3] و لا صحيح و لا مطرب، فأضحكت أهل المجلس جميعا منه، فخجل؛ فكان بعد ذلك يبسط لسانه فيها، و يعيب صنعتها، و يقول: هي ألف صوت في العدد، و صوت واحد في المعنى.

و ليس الأمر كما قاله، إن لها لصنعة تشبّهت فيها بصنعة الأوائل، و جوّدت، و برزت فيها، منها:

أ إن سكنت نفسي و قلّ عويلها

و منها:


[1] كذا في ب على أن فاعل طبع ضمير ذى الجلال، و في ف، مم «طبع بالبناء للمجهول».

[2] مم «تليه».

[3] كان القياس لا متقنا، و لا صحيحا، و لا مطربا بالنصب، فلعل هنا مبتدأ مقدرا «لا هو متقن ...» إلخ.

اسم الکتاب : الاغانی المؤلف : ابو الفرج الإصفهاني    الجزء : 21  صفحة : 42
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست