الفرزدق: اللّه [1] اللّه
أيها الأمير فيّ، أنا في جوارك و ذمتك؛ فمنع عنه ابن أبي علقمة، فلما خرج قال:
قاتل اللّه مجنونهم؛ و اللّه لو مسّ ثوبه ثوبي لقام بها جرير و قعد؛ و فضحني في
العرب فلم يبق لي فيهم باقية.
و أخبرني بنحو هذا الخبر
حبيب المهلبيّ، عن ابن شبة، عن محمد بن يحيى، عن عبد الحميد، عن أبيه، عن جده: قال
أبو زيد: و أخبرني أبو عاصم عن الحسن بن دينار، قال: قال لي الفرزدق:
/ ما
مر بي يوم قط أشدّ عليّ من يوم دخلت فيه على أبي عيينة بن المهلب- و كان يوما شديد
الحر- فما منّا أحد إلا جلس في أبزن [2]. فقلنا له: إن أردت أن تنفعنا فابعث إلى
ابن أبي علقمة، فقال: لا تريدوه؛ فإنه يكدّر علينا مجلسنا، فقلنا: لا بد منه،
فأرسل إليه، فلما دخل فرآني؛ قال الفرزدق و اللّه. و وثب إليّ، و قد أنعظ أيره، و
جعل يصيح: و اللّه لأنيكنّه؛ فقلت لأبي عيينة: اللّه اللّه فيّ، أنا في جوارك، فو
اللّه لئن دنا إليّ لا تبقى له باقية مع جرير؛ فلم يتكلم أبو عيينة؛ و لم تكن لي
همة إلا أن عدوت حتى صعدت إلى السطح، فاقتحمت الحائط، فقيل له:
و لا يوم زياد [3] كان مثل
يومئذ، فقال: و لا مثل يوم زياد [3].
عمر بن عبد العزيز
يجيره، ثم ينفيه
: أخبرني عمي، عن ابن أبي سعد، عن أحمد بن عمر، عن
إسحاق بن مروان مولى جهينة و كان يقال له: كوزا الرواية؛ قال أحمد بن عمر: و
أخبرني عثمان بن خالد العثماني [4]:
أن الفرزدق قدم المدينة في
سنة مجدبة حصّاء [5] فمشى أهل المدينة إلى عمر بن عبد العزيز، فقالوا له: أيها
الأمير، إن الفرزدق قدم مدينتنا هذه في هذه السنة الجدبة التي أهلكت عامة الأموال
التي لأهل المدينة، و ليس عند أحد منهم ما يعطيه شاعرا، فلو أن الأمير بعث إليه،
فأرضاه، و تقدم إليه [6] ألا يعرض لأحد بمدح و لا هجاء؛ فبعث إليه عمر: إنك يا
فرزدق قدمت مدينتنا هذه في هذه السنة الجدبة، و ليس عند أحد ما يعطيه شاعرا، و قد
أمرت لك بأربعة آلاف درهم؛ فخذها، و لا تعرض لأحد/ بمدح و لا هجاء، فأخذها
الفرزدق، و مرّ بعبد اللّه بن عمرو بن عثمان، و هو جالس في سقيفة داره، و عليه مطرف
[7] خزّ أحمر و جبّة خزّ أحمر، فوقف عليه، و قال: