responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الاغانی المؤلف : ابو الفرج الإصفهاني    الجزء : 21  صفحة : 244

و نقول: ليت شعري ما صنع؟ إذ طلع علينا في حلّة أفواف [1]، قد أرخى غديرته، حتى جلس في مجلسه بالأمس، ثم قال: ما فعل الأنصاري؟ فنلنا منه، و شتمناه، فقال: قاتله اللّه: ما منيت بمثله، و لا سمعت بمثل شعره، فارقته، و أتيت منزلي، فأقبلت أصعّد و أصوّب في كل فن من الشعر، فكأني مفحم لم أقل شعرا قط، حتى إذا نادى المنادى بالفجر رحلت ناقتي، و أخذت بزمامها حتى أتيت ريّانا [2]، و هو جبل بالمدينة، ثم ناديت بأعلى صوتي: أخاكم أخاكم، يعني شيطانه، فجاش صدري كما يجيش المرجل، فعقلت ناقتي و توسدت ذراعها، فما عتمت [3] حتى قلت مائة بيت من الشعر و ثلاثة عشر بيتا، فبينا هو ينشد إذ طلع الأنصاري، حتى إذا انتهى إلينا سلم علينا، ثم قال:

إني لم آتك لأعجلك عن الأجل الذي وقّتّه لك، و لكني أحببت ألا أراك إلا سألتك: إيش [4] صنعت؟ فقال:

اجلس، و أنشده قوله:

عزفت بأعشاش و ما كنت تعزف‌

و أنكرت من حدراء ما كنت تعرف‌

و لجّ بك الهجران حتى كأنما

ترى الموت في البيت الذي كنت تألف‌

في رواية ابن حبيب: تيلف [5] حتى بلغ إلى قوله:

ترى الناس ما سرنا يسيرون خلفنا

و إن نحن أومأنا إلى النّاس وقّفوا

/ و أنشدها الفرزدق، حتى بلغ إلى آخرها، فقام الأنصاري كئيبا، فلما توارى طلع أبوه أبو بكر بن خزم في مشيخة من الأنصار، فسلموا عليه، و قالوا: يا أبا فراس، قد عرفت حالنا و مكاننا من رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم، و قد بلغنا أن سفيها من سفهائنا ربما تعرض لك، فنسألك بحق اللّه و حق رسوله لما حفظت فينا وصية رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم، و وهبتنا له، و لم تفضحنا.

قال محمد بن إبراهيم: فأقبلت عليه أكلمه، فلما أكثرنا عليه، قال: اذهبوا، فقد وهبتكم لهذا القرشي.

[قال سليمان بن عبد الملك للفرزدق: أنشدني أجود شعر عملته، فأنشده:

عزفت بأعشاش و ما كدت تعزف [6]

فقال: زدني: فأنشده:

ثلاث و اثنتان فتلك خمس‌

و واحدة تميل إلى الشّمام [7]

فبتن بجانبيّ مصرّعات‌

و بتّ أفضّ أغلاق الختام [8]


[1] أفواف: ثياب رقاق موشاة مخططة.

[2] هكذا في ب «ريانا» و الصواب «ريان» بالمنع من الصرف، لأنه من الري و ربما كان من الرين، فتكون نونه أصلية، و حينئذ فلا مانع من صرفه، و في «المختار»: «ذبابا» بدل «ريانا».

[3] ما عتمت: ما أبطأت.

[4] إيش: لفظ منحوت من «أي شي‌ء» و هو عربي فصيح.

[5] و كذا في «الديوان»: 551 و «النقائض» و هي لهجة تميمية في تألف.

[6] تقدمت الأبيات التي تبتدئ بهذا المصراع.

[7] يريد بهذا العدد: من عبث بهن من النساء، و الشمام: القبل و الترشف و ما إليهما.

[8] كنى بفض أغلاق الختام عن المضاجعة و المواقعة ...

اسم الکتاب : الاغانی المؤلف : ابو الفرج الإصفهاني    الجزء : 21  صفحة : 244
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست