responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الاغانی المؤلف : ابو الفرج الإصفهاني    الجزء : 21  صفحة : 240

كان الفرزدق و أبو شقفل راويته في المسجد؛ فدخلت امرأة، فسألت عن مسألة، و توسّمت؛ فرأت هيئة أبي شقفل، فسألته عن مسألتها، فقال الفرزدق:

أبو شقفل شيخ عن الحق جائر

بباب الهدى و الرّشد غير بصير

/ فقالت المرأة: سبحان اللّه؟ أ تقول هذا لمثل هذا الشيخ؟ فقال أبو شقفل: دعيه فهو أعلم بي.

سكينة بنت الحسين تجرحه و تأسوه‌

: أخبرنا عبد اللّه بن مالك، قال: حدثنا محمد بن موسى، قال: حدثنا المدائنيّ، قال:

خرج الفرزدق حاجا، فمر بالمدينة، فأتى سكينة بنت الحسين صلوات اللّه عليه و آله، فقالت: يا فرزدق./ من أشعر الناس؟ قال: أنا، قالت: كذبت؛ أشعر منك الذي يقول:

بنفسي من تجنبه عزيز

عليّ و من زيارته لمام‌

و من أمسي و أصبح لا أراه‌

و يطرقني إذا هجع النيام [1]

فقال: و اللّه لو أذنت لي لأسمعتك أحسن منه. فقالت: أقيموه: فأخرج. ثم عاد إليها في اليوم الثاني. فقالت له: يا فرزدق. من أشعر الناس؟ قال: أنا. قالت: كذبت: أشعر منك الذي يقول:

لو لا الحياء لها جني استعبار

و لزرت قبرك و الحبيب يزار

لا يلبث القرفاء أن يتفرّقوا

ليل يكرّ عليهم و نهار

كانت إذا هجر الضجيع فراشها

كتم الحديث و عفّت الأسرار [2]

قال: أ فأسمعك [3] أحسن منه؟ قالت: اخرج.

ثم عاد إليها في اليوم الثالث و على رأسها جارية كأنها ظبية، فاشتد عجبه بها. فقالت: يا فرزدق، من أشعر الناس؟ قال: أنا. قالت: كذبت. أشعر منك الذي يقول:

/

إنّ العيون التي في طرفها مرض‌

قتلننا ثم لم يحيين قتلانا [4]

يصرعن ذا اللّبّ حتى لا حراك له‌

و هنّ أضعف خلق اللّه أركانا [5]

ثم قالت: قم فاخرج. فقال لها: يا بنت رسول اللّه، إن لي عليك لحقّا. إذ كنت إنما جئت مسلّما عليك، فكان من تكذيبك إيّاي و صنيعك [6] بي حين أردت أن أسمعك شيئا من شعري ما ضاق به صدري. و المنايا تغدو و تروح، و لا أدري، لعلي لا أفارق المدينة حتى أموت. فإن متّ فمري من يدفنني في حر هذه الجارية التي على رأسك، فضحكت سكينة، حتى كادت تخرج من ثيابها، و أمرت له بالجارية، و قالت: أحسن صحبتها؛ فقد آثرتك‌


[1] هذان البيتان لجرير.

[2] و هذه الأبيات لجرير أيضا، من قصيدة يرثي فيها زوجته.

[3] أ فأسمعك: الفاء هنا عاطفة على معطوف محذوف، أي أنشدك، فأسمعك أو نحو ذلك.

[4] و هذان البيتان لجرير أيضا، و يعدهما مؤرخو الأدب أبرع ما قيل في الغزل، و كثير من الروايات «حور» بدل «مرض».

[5] في كثير من الروايات «إنسانا» بدل «أركانا» ..

[6] في هد «و منعك أن أسمعك شيئا من شعري».

اسم الکتاب : الاغانی المؤلف : ابو الفرج الإصفهاني    الجزء : 21  صفحة : 240
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست