responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الاغانی المؤلف : ابو الفرج الإصفهاني    الجزء : 21  صفحة : 222

عن ابن زالان المازنيّ، قال: حدثني الفرزدق، قال:

لما طردني زياد أتيت المدينة و عليها مروان بن الحكم، فبلغه أني خرجت من دار ابن صياد، و هو رجل يزعم أهل المدينة أنه الدّجال، فليس يكلمه أحد، و لا يجالسه أحد، و لم أكن عرفت خبره، فأرسل إليّ مروان فقال:

أ تدري ما مثلك؟ حديث تحدث به العرب: أن ضبعا مرت بحي قوم، و قد رحلوا، فوجدت مرآة، فنظرت وجهها فيها، فلما نظرت قبح وجهها ألقتها، و قالت: من شرّ ما اطّرحك أهلك، و لكن من شر ما اطّرحك أميرك [1]، فلا تقيمنّ بالمدينة بعد ثلاثة أيام، قال: فخرجت أريد اليمن، حتى إذا صرت بأعلى ذي قسيّ- و هو طريق اليمن من البصرة- فإذا رجل مقبل، فقلت: من أين أوضع الراكب [2]؟ قال: من البصرة، قلت: فما الخبر وراءك؟ قال: أتانا أن زيادا مات بالكوفة، قال: فنزلت عن راحلتي، فسجدت، و قلت: لو رجعت، فمدحت عبيد اللّه بن زياد، و هجوت مروان بن الحكم، فقلت:

وقفت بأعلى ذى قسيّ مطيّتى‌

أمثّل في مروان و ابن زياد

/ فقلت: عبيد اللّه خيرهما لنا

و أدناهما من رأفة و سداد [3]

و مضيت لوجهي، حتى وطئت بلاد بني عقيل فوردت ما بين مياههم [4] فإذا بيت عظيم و إذا فيه امرأة سافرة لم أر كحسنها و هيئتها قط، فدنوت، فقلت: أ تأذنين/ في الظل؟ قالت: أنزل فلك الظّل و القرى، فأنخت، و جلست إليها، قال: فدعت جارية لها سوداء كالراعية، فقالت: ألطفيه [5] شيئا و اسعي إلى الرّاعي، فردّي عليّ شاة، فاذبحيها له، و أخرجت إليّ تمرا و زبدا، قال: و حادثتها فو اللّه ما رأيت مثلها قطّ، ما أنشدتها شعرا إلا أنشدتني أحسن منه، قال: فأعجبني المجلس و الحديث إذ أقبل رجل بين بردين، فلما رأته رمت ببرقعها على وجهها، و جلس [6] و أقبلت عليه بوجهها و حديثها، فدخلني من ذلك غيظ، فقلت للحين: هل لك في الصراع؟ فقال: سوأة لك [7]، إنّ الرجل لا يصارع ضيفه، قال: فألححت عليه، فقالت له: ما عليك لو لا عبت ابن عمك؟ فقام، و قمت، فلما رمى ببرده، إذا خلق عجيب، فقلت: هكلت و ربّ الكعبة، فقبض على يدي، ثم اختلجني [8] إليه، فصرت في صدره، ثم حملني، قال: فو اللّه ما اتّقيت الأرض إلا بظهر كبدي و جلس على صدري، فما ملكت نفسي أن ضرطت ضرطة منكرة، قال: و ثرت إلى جملي فقال: أنشدك اللّه [9]، فقالت المرأة: عافاك اللّه الظلّ [10] و القرى، فقلت: أخزى اللّه ظلّكم و قراكم، و مضيت، فبينا أسير إذ لحقني الفتى على نجيب يجنب بختيّا [11] برحله‌


[1] «و لكن من شر ما اطرحك أميرك»: كلام جديد ليس من تتمة المثل، و لعل مروان يعني أن الفرزدق كالمرآة التي ترى القبيح قبحه، و ذلك لكثرة أحاجيه و ذكره معايب الناس.

[2] يقال: أوضع الراكب الدابة: حملها على المسير.

[3] في هد:

«خيرهمو أبا و أدناهمو»

بدل‌

«خيرهما لنا و أدناهما»

. [4] في هد، هج «فوردت ماء من مياههم».

[5] ألطف فلان فلانا: أتحفه و بره.

[6] في بعض النسخ «و جلست».

[7] سوأة لك: أتيت عملا شائنا.

[8] اختلجه: جذبه، و انتزعه.

[9] يقسم عليه ألا يرحل.

[10] تريد انتظر ما طلبته لك من الظل و القرى.

[11] في هج: يجنب نجيبا. البختي: واحد البخت، و هي الإبل الخراسانية، و المعنى على كلا الحالين أنه لحقه بجمل فاره إلى جانبه.

اسم الکتاب : الاغانی المؤلف : ابو الفرج الإصفهاني    الجزء : 21  صفحة : 222
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست