: قال: و خرج تأبّط غازيا يريد الغارة على الأزد في بعض
ما كان يغير عليهم وحده، فنذرت به الأزد، فأهملوا له إبلا، و أمروا ثلاثة من ذوي
بأسهم: حاجز بن أبيّ، و سواد بن عمرو بن مالك، و عوف بن عبد اللّه، أن يتبعوه حتّى
ينام فيأخذوه أخذا، فكمنوا له مكمنا، و أقبل تأبّط شرّا فبصر بالإبل، فطردها بعض
يومه. ثم تركها و نهض في شعب لينظر: هل يطلبه أحد؟ فكمن القوم حين رأوه و لم يرهم،
فلمّا لم ير أحدا في أثره عاود الإبل فشلّها [3] يومه و ليلته و الغد حتى أمسى، ثم
عقلها، و صنع طعاما فأكله، و القوم ينظرون إليه في ظله، ثم هيّأ مضطجعا على
النّار، ثم أخمدها و زحف على بطنه و معه قوسه، حتى دخل بين الإبل، و خشي أن يكون
رآه أحد و هو لا يعلم، و يأبى إلا الحذر و الأخذ بالحزم، فمكث ساعة و قد هيّأ سهما
على كبد قوسه، فلما أحسّوا نومه أقبلوا ثلاثتهم يؤمّون المهاد الذي رأوه هيّأه،
فإذا هو يرمي أحدهم فيقتله، و جال الآخران، و رمى آخر فقتله، و أفلت حاجز هاربا، و
أخذ سلب الرّجلين، و أطلق عقل الإبل و شلّها حتى جاء بها قومه، و قال تأبّط في
ذلك:
و نرجح أنها «طاب» لا «طال». و الروع: القلب،
كناية عن الاطمئنان، و خاتلت: خادعت، و في بعض بعض النسخ أيضا «الصبا» بدل «الضياء» و لعل المراد: أنه
خدعهم نهارا، و المعنى الإجمالي للبيت غير خاف.
[9]
الأسمر: يريد السهم، و الجسر: الضخم،
و القذة: ريش السهم، و الطميل: العريض النصل، يريد أنه أضحى سوارا بسهم هذه صفته،
و في «المختار»:
«...
جسر القذتين طويل»
.
[10] الجران: مقدم العنق، و القواء:
الأرض القفر، و الأسيل: المستوى الأملس أي خر لا حراك به كأن الفيل أنحى عليه
بعنقه فوق أرض قفراء ملساء مخضلة بالماء، و كل هذه الصفات مما يزيد التصاقه
بالأرض، بل غوصه فيها، و في «المختار»: