responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الاغانی المؤلف : ابو الفرج الإصفهاني    الجزء : 19  صفحة : 90

من يشاء، ألا إنه لم يذلّ و اللّه من كان الحق معه و إن كان مفردا ضعيفا، و لم يعزّ من كان الباطل معه، و إن كان في العدّة و العدد و الكثرة، ثم قال: إنه قد أتانا خبر من العراق بلد الغدر و الشقاق فساءنا و سرّنا، أتانا أن مصعبا قتل رحمة اللّه عليه و مغفرته، فأما الّذي أحزننا من ذلك فإن لفراق الحميم لذعة يجدها حميمه عند المصيبة، ثم يرعوي من بعد ذو الرأي و الدين إلى جميل الصبر. و أما الّذي سرّنا منه فإنا قد علمنا أن قتله شهادة له و أن اللّه عز و جل جاعل لنا و له ذلك خيرة إن شاء اللّه تعالى. إن أهل العراق أسلموه و باعوه بأقل ثمن كانوا يأخذونه منه و أخسره، أسلموه إسلام/ النّعم المخطّم [1] فقتل، و لئن قتل لقد قتل أبوه و عمّه و أخوه و كانوا الخيار الصالحين، إنا و اللّه ما نموت حتف أنوفنا، ما نموت إلا قتلا، قعصا بين قصد [2] الرّماح و تحت ظلال السّيوف و ليس كما يموت بنو مروان، و اللّه ما قتل رجل منهم في جاهلية و لا إسلام قط، و إنما الدنيا عارية من الملك القهار، الّذي لا يزول سلطانه، و لا يبيد ملكه، فإن تقبل الدنيا عليّ لا آخذها أخذ الأشر البطر، و إن تدبر عني لا أبك عليها بكاء الخرف المهتر. ثم نزل.

رجل من بني أسد يرثي مصعبا

و قال رجل من بني أسد بن عبد العزّى يرثي مصعبا:

لعمرك إنّ الموت منا لمولع‌

بكلّ فتى رحب الذّراع أريب‌

فإن يك أمسى مصعب نال حتفه‌

لقد كان صلب العود غير هيوب [3]

جميل المحيّا يوهن القرن غربه‌

و إن عضّه دهر فغير رهوب‌

أتاه حمام الموت وسط جنوده‌

فطاروا شلالا [4] و استقى بذنوب‌

و لو صبروا نالوا حبا [5] و كرامة

و لكنّهم ولّوا بغير قلوب‌

كان مصعب أشجع الناس‌

قال: و قال عبد الملك يوما لجلسائه: من أشجع الناس؟ فأكثروا في هذا المعنى، فقال: أشجع الناس مصعب بن الزبير، جمع بين عائشة بنت طلحة و سكينة بنت الحسين و أمة [6] الحميد بنت عبد اللّه بن عاصم، و ولي العراقين، ثم زحف إلى الحرب، فبذلت له الأمان/ و الحباء و الولاية و العفو عمّا خلص في يده، فأبى قبول ذلك، و اطّرح كل/ ما كان مشغوفا [7] به من ماله و أهله وراء ظهره، و أقبل بسيفه قرما [8] يقاتل و ما بقي معه إلا سبعة نفر حتى قتل كريما.


[1] المخطم: الّذي جعل الخطام على أنفه ليعتاد به.

[2] قصد الرماح جمع قصدة؛ و هي القطعة منه بعد كسرها.

[3] ف:

جميل المحيا يوهن القرن عزمه‌

و إن عزه دهر فغير هيوب‌

و إن يك أمسى مصعب نال حتفه‌

لقد كان صلب العود غير رهوب‌

[4] فطاروا شلالا: فروا متفرقين.

[5] الحبا: جمع حبوة، و هي العطية.

[6] ف «و أمة الحميد ...».

[7] ف «ما كان مشغولا به من ماله».

[8] ف، مد «و أقبل بسيفه قدما» .. و قرم: شديد الرغبة، من قرم اللحم و إليه: اشتدت شهوته إليه فهو قرم.

اسم الکتاب : الاغانی المؤلف : ابو الفرج الإصفهاني    الجزء : 19  صفحة : 90
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست