محمد بن مروان أصحابه
بالحرب، و قال: حرّكوهم قليلا، فتهايج الناس، و وجه مصعب عتّاب [1] بن ورقاء
الرّياحيّ يعجّز إبراهيم، فقال له: قد قلت له: لا تمدّني بأحد من أهل العراق فلم
يقبل، و اقتتلوا، و أرسل/ إبراهيم بن الأشتر إلى أصحابه- بحضرة الرسول ليرى خلاف
أهل العراق عليه في رأيه- ألا تنصرفوا عن الحرب حتى ينصرف أهل الشام عنكم، فقالوا:
و لم لا ننصرف؟ فانصرفوا و انهزم الناس حتى أتوا مصعبا. و صبر إبراهيم بن الأشتر
فقاتل حتى قتل، فلما أصبحوا أمر محمد بن مروان رجلا فقال: انطلق إلى عسكر مصعب
فانظر كيف تراهم بعد قتل ابن الأشتر، قال: لا أعرف موضع عسكرهم، فقال له إبراهيم
بن عديّ الكنانيّ: انطلق فإذا رأيت النخل فاجعله منك موضع سيفك، فمضى الرجل حتى
أتى عسكر مصعب، ثم رجع إلى محمد فقال: رأيتهم منكسرين. و أصبح معصب فدنا منه، و
دنا محمد بن مروان حتى التقوا، فترك قوم من أصحاب مصعب مصعبا و أتوا محمد بن
مروان، فدنا إلى مصعب ثم ناداه: فداك أبي و أمي، إن القوم خاذلوك و لك الأمان،
فأبى قبول ذلك، فدعا محمد بن مروان ابنه عيسى بن مصعب، فقال له أبوه: انظر ما يريد
محمد، فدنا منه فقال له: إني لكم ناصح؛ إن القوم خاذلوكم و لك و لأبيك الأمان، و
ناشده. فرجع إلى أبيه فأخبره، فقال: إني أظن القوم سيفون، فإن أحببت أن تأتيهم
فأتهم، فقال: و اللّه لا تتحدث نساء قريش أني خذلتك و رغبت بنفسي عنك، قال: فتقدم
حتى أحتسبك، فتقدم و تقدم ناس معه فقتل و قتلوا، و ترك أهل العراق مصعبا حتى بقي
في سبعة. و جاء رجل من أهل الشام ليحتز رأس عيسى، فشد عليه مصعب فقتله، ثم شد على
الناس فانفرجوا، ثم رجع فقعد على مرفقة ديباج، ثم جعل يقوم عنها و يحمل على أهل
الشام فيفرجون عنه، ثم يرجع فيقعد على المرفقة، حتى فعل ذلك مرارا، و أتاه عبيد
اللّه بن زياد بن ظبيان فدعاه إلى المبارزة، فقال له: اعزب يا كلب، و شد عليه مصعب
فضربه على البيضة فهشمها و جرحه، فرجع عبيد اللّه فعصّب رأسه، و جاء ابن أبي فروة
كاتب مصعب فقال له: جعلت فداك، قد تركك القوم و عندي خيل مضمّرة فاركبها و انج
بنفسك، فدفع في صدره و قال: ليس أخوك بالعبد.
مقتل مصعب
و رجع ابن ظبيان إلى مصعب،
فحمل عليه، و زرق [2]/ زائدة بن قدامة مصعبا و نادى:/ يا لثارات المختار! فصرعه، و
قال عبيد اللّه لغلام له [3]: احتزّ رأسه، فنزل فاحتز رأسه، فحمله إلى عبد الملك،
فيقال: إنه لما وضعه بين يديه سجد. قال ابن ظبيان: فهمت و اللّه أن أقتله فأكون
أفتك العرب، قتلت ملكين من قريش في يوم واحد، ثم وجدت نفس تنازعني إلى الحياة
فأمسكت.
قال: و قال يزيد بن
الرّقاع العامليّ أخو عديّ بن الرقاع و كان شاعر أهل الشام: