و هذا الشعر يقوله عبيد
اللّه بن قيس لمصعب بن الزّبير لما حشد للخروج عن الكوفة لمحاربة عبد الملك بن
مروان.
استشارة عبد الملك بن
مروان في المسير إلى العراق
و كان السبب في ذلك، فيما
أجاز لنا الحرميّ بن أبي العلاء روايته عنه، عن الزّبير بن بكار، عن المدائنيّ،
قال:
لما كانت سنة اثنتين و
سبعين، استشار عبد الملك بن مروان عبد الرحمن بن الحكم في المسير إلى العراق و
مناجزة مصعب، فقال: يا أمير المؤمنين، قد واليت بين عامين تغزو فيهما و قد خسرت
خيلك و رجالك، و عامك هذا عام حارد فأرح نفسك و رجلك [1] ثم ترى رأيك. فقال: إني
أبادر ثلاثة أشياء، و هي أنّ الشام أرض بها المال قليل فأخاف أن ينفد ما عندي، و
أشراف أهل العراق قد كاتبوني يدعونني إلى أنفسهم، و ثلاثة من أصحاب رسول اللّه
صلّى اللّه عليه و سلّم قد كبروا و نفدت أعمارهم، و أنا أبادر بهم الموت أحبّ أن
يحضروا معي.
ثم دعا يحيى بن الحكم- و
كان يقول: من أراد أمرا فليشاور يحيى بن الحكم فإذا أشار عليه بأمر فليعمل بخلافه.
فقال: ما ترى في المسير إلى العراق؟ قال: أرى أن ترضى بالشام و تقيم بها و تدع
مصعبا/ بالعراق، فلعن اللّه العراق! فضحك عبد الملك.
و دعا عبد اللّه بن خالد
بن أسيد فشاوره، فقال: يا أمير المؤمنين قد غزوت مرة فنصرك اللّه، ثم غزوت ثانية
فزادك اللّه بها عزّا، فأقام عامك هذا.
فقال لمحمد بن مروان: ما
ترى؟ قال: أرجو أن ينصرك اللّه أقمت أم غزوت، فشمّر فإن اللّه ناصرك. فأمر الناس
فاستعدوا للمسير، فلما أجمع عليه قالت عاتكة بنت يزيد بن معاوية زوجته: يا أمير
المؤمنين، وجّه الجنود و أقم، فليس الرأي أن يباشر/ الخليفة الحرب بنفسه، فقال: لو
وجّهت أهل الشام كلّهم فعلم مصعب أنّي لست معهم لهلك الجيش كله، ثم تمثل:
و مستخبر عنّا يريد
بنا الرّدى
و مستخبرات و العيون سواكب
ثم قدّم محمد بن مروان و
معه عبد اللّه بن خالد بن أسيد و بشر بن مروان، و نادى مناديه: إن أمير المؤمنين
قد استعمل عليكم سيّد الناس محمد بن مروان. و بلغ مصعب بن الزبير مسير عبد الملك،
فأراد الخروج فأبى عليه أهل