و اشتدّوا عليه، فكان
يتفلّت إليها في أوقات الغفلات، فيتحدّثان و يتشاكيان، ثم انتجعت بنو قشير في ربيع
لهم ناحية غير تلك قد نضّرها غيث و أخصبها، فبعد عليه خبرها و اشناقها، فكان يسأل
عنها كلّ وارد، و يرسل إليها بالسلام مع كل صادر، حتى ورد عليه يوما راكب من
قومها، فسأله عنها فأخبره أنها خطبت فزوّجت، فوجم طويلا ثم أجهش باكيا و قال:
أتاني بظهر الغيب أن
قد تزوّجت
فظلّت بي الأرض الفضاء تدور
و ذكر الأبيات الماضية.
/ و
قد أنشدني هذه القصيدة لمزاحم ابن أبي الأزهر، عن حمّاد/ عن أبيه، فأتى بهذه
الأبيات و زاد فيها:
حدّثني عمّي، قال: حدّثني
أبو أيوب المدينيّ، قال: قال أبو عدنان:
أخبرنا تميم بن رافع قال:
حدّثت أنّ الفرزدق دخل على عبد الملك بن مروان- أو بعض بنيه- فقال له:
يا فرزدق، أ تعرف أحدا
أشعر منك؟ قال: لا، إلا غلاما من بني عقيل، يركب أعجاز الإبل و ينعت الفلوات
فيجيد، ثم جاءه جرير فسأله عن مثل ما سأل عنه الفرزدق فأجابه بجوابه، فلم يلبث أن
جاءه ذو الرّمة فقال له: أنت أشعر النّاس؟ قال: لا، و لكن غلام من بني عقيل يقال
له مزاحم يسكن الرّوضات؟ يقول وحشيّا من الشعر لا يقدر على مثله، فقال: فأنشدني
بعض ما تحفظ من ذلك، فأنشده قوله: