responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الاغانی المؤلف : ابو الفرج الإصفهاني    الجزء : 19  صفحة : 72

و اشتدّوا عليه، فكان يتفلّت إليها في أوقات الغفلات، فيتحدّثان و يتشاكيان، ثم انتجعت بنو قشير في ربيع لهم ناحية غير تلك قد نضّرها غيث و أخصبها، فبعد عليه خبرها و اشناقها، فكان يسأل عنها كلّ وارد، و يرسل إليها بالسلام مع كل صادر، حتى ورد عليه يوما راكب من قومها، فسأله عنها فأخبره أنها خطبت فزوّجت، فوجم طويلا ثم أجهش باكيا و قال:

أتاني بظهر الغيب أن قد تزوّجت‌

فظلّت بي الأرض الفضاء تدور

و ذكر الأبيات الماضية.

/ و قد أنشدني هذه القصيدة لمزاحم ابن أبي الأزهر، عن حمّاد/ عن أبيه، فأتى بهذه الأبيات و زاد فيها:

و تنشر نفسي بعد موتي بذكرها

مرارا فموت مرّة و نشور

عججت لربي عجّة [1] ما ملكتها

و ربّي بذي الشّوق الحزين بصير

ليرحم ما ألقى و يعلم أنّني‌

له بالذي يسدي إليّ شكور

لئن كان يهدى برد أنيابها العلا

لأحوج منّي إنّني لفقير

الفرزدق و جرير و ذو الرمة يفضلونه على أنفسهم‌

حدّثني عمّي، قال: حدّثني أبو أيوب المدينيّ، قال: قال أبو عدنان:

أخبرنا تميم بن رافع قال: حدّثت أنّ الفرزدق دخل على عبد الملك بن مروان- أو بعض بنيه- فقال له:

يا فرزدق، أ تعرف أحدا أشعر منك؟ قال: لا، إلا غلاما من بني عقيل، يركب أعجاز الإبل و ينعت الفلوات فيجيد، ثم جاءه جرير فسأله عن مثل ما سأل عنه الفرزدق فأجابه بجوابه، فلم يلبث أن جاءه ذو الرّمة فقال له: أنت أشعر النّاس؟ قال: لا، و لكن غلام من بني عقيل يقال له مزاحم يسكن الرّوضات؟ يقول وحشيّا من الشعر لا يقدر على مثله، فقال: فأنشدني بعض ما تحفظ من ذلك، فأنشده قوله:

خليليّ عوجا بي على الدار نسأل‌

متى عهدها بالظّاعن المترحّل [2]

فعجت و عاجوا فوق بيداء موّرت [3]

بها الريح جولان التراب المنخّل‌

حتى أتى على آخرها ثم قال: ما أعرف أحدا يقول قولا يواصل هذا.

صوت‌

أكذّب طرفي عنك في كلّ ما أرى‌

و أسمع أذني منك ما ليس تسمع‌

فلا كبدي تبلى و لا لك رحمة

و لا عنك إقصار و لا فيك مطمع‌

لقيت أمورا فيك لم ألق مثلها

و أعظم منها فيك ما أتوقع‌

فلا تسأليني في هواك زيادة

فأيسره يجزي و أدناه يقنع‌

الشعر لبكر بن النّطّاح، و الغناء لحسين بن محرز ثقيل أول بالوسطى عن الهشاميّ.


[1] عج الرجل: صاح و رفع صوته، و في ف: حججت لربي حجة.

[2] في الخزانة 3: 45:

«بالظاعن المتحمل»

. [3] مي، مد «صفقت»، و موّرت: أثارت.

اسم الکتاب : الاغانی المؤلف : ابو الفرج الإصفهاني    الجزء : 19  صفحة : 72
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست