نسخت من كتاب جدّي يحيى بن
محمد بن ثوابة: حدّثني الحسن بن سعيد، عن أبيه، قال:
كان داود بن يزيد بن حاتم
المهلّبيّ يجلس للشّعراء في السّنة مجلسا واحدا فيقصدونه لذلك اليوم و ينشدونه،
فوجّه إليه مسلم بن الوليد راويته بشعره الّذي يقول فيه:
فقدم عليه يوم جلوسه
للشّعراء، و لحقه بعقب خروجهم عنه، فتقدّم إلى الحاجب و حسر لثامه عن وجهه ثم قال
له: استأذن لي على الأمير. قال: و من أنت؟ قال: شاعر. قال: قد انصرم وقتك، و انصرف
الشّعراء، و هو على القيام. فقال له: ويحك/ قد وفدت على الأمير بشعر ما قالت العرب
مثله. قال: و كان مع الحاجب أدب يفهم به ما يسمع، فقال: هات حتى أسمع، فإن كان
الأمر كما ذكرت أوصلتك إليه. فأنشده بعض القصيدة، فسمع شيئا يقصر الوصف عنه، فدخل
على داود فقال له: قد قدم على الأمير شاعر بشعر ما قيل فيه مثله، فقال: أدخل
قائله.
فأدخله، فلمّا مثل بين
يديه سلّم و قال: قدمت على الأمير- أعزّه اللّه- بمدح يسمعه فيعلم به تقدّمي على
غيري ممّن امتدحه. فقال: هات. فلما افتتح القصيدة و قال:
استوى جالسا و أطرق، حتى
أتى الرّجل على آخر الشّعر، ثم رفع رأسه إليه ثم قال: أ هذا شعرك؟ قال: نعم أعزّ
اللّه الأمير، قال: في كم قلته يا فتى؟ قال: في أربعة أشهر، أبقاك اللّه، قال: لو
قلته في ثمانية أشهر لكنت محسنا، و قد اتّهمتك لجودة شعرك و خمول ذكرك، فإن كنت
قائل هذا الشّعر فقد أنظرتك أربعة أشهر في مثله، و أمرت بالإجراء عليك، فإن جئتنا
بمثل هذا الشّعر وهبت لك مائة ألف درهم و إلا حرمتك. فقال: أو الإقالة، أعزّ اللّه
الأمير. قال: أقلتك، قال: الشّعر لمسلم بن الوليد، و أنا راويته و الوافد عليك
بشعره. فقال [3] أنا ابن حاتم [3]، إنّك لمّا افتتحت شعره فقلت:
لا تدع بي الشّوق
إنّي غير معمود
سمعت كلام مسلم يناديني
فأجبت نداءه و استويت جالسا. ثم قال: يا غلام، أعطه عشرة آلاف درهم، و احمل
السّاعة إلى مسلم مائة ألف درهم.
أنشد الفضل بن سهل شعرا
فولاه البريد بجرجان
أخبرني الحسين بن القاسم
الكوكبيّ، قال: حدّثنا عبد اللّه بن أبي سعد، قال: حدّثني مسعود بن عيسى العبديّ،
قال: أخبرني موسى بن عبد اللّه التّميميّ، قال:
دخل مسلم بن الوليد
الأنصاريّ على الفضل بن سهل لينشده شعرا، فقال له: أيّها الكهل، إنّي أجلّك عن
الشّعر فسل حاجتك، قال: بل تستتمّ اليد عندي بأن تسمع، فأنشده: