قال: فأخذت منها بيتين، ثم
قلت له: أنشدني أيضا ما لك فيه، فأنشدني قصيدة أخرى ابتداؤها:
/
طيف الخيال حمدنا منك إلماما
داويت سقما و قد هيّجت أسقاما
يقول فيها:
كالدّهر لا ينثني
عمّا يهمّ به
قد أوسع النّاس إنعاما و إرغاما
قال: فأنشدت هذه الأبيات
يزيد بن مزيد، فأمر له بخمسمائة درهم. ثم ذكرته بالرّقّة فقلت له: هذا الشّاعر
الّذي قد مدحك فأحسن، تقتصر به على خمسمائة درهم! فبعث إليه بخمسمائة درهم أخرى،
قال: فقال لي مسلم:
جاءتني و قد رهنت طيلساني
على رءوس الإخوان [4]، فوقعت منّي أحسن موقع.
تضمخ يزيد بالطيب ثم
غسله لئلا يكذب قول مسلم
أخبرني محمد بن عمران،
قال: حدّثنا العنزيّ، عن محمد بن بدر العجليّ، عن إبراهيم بن سالم، عن أبي فرعون
مولى يزيد بن مزيد قال:
ركب يزيد يوما إلى الرّشيد
فتغلّف بغالية [5]، ثم لم يلبث أن عاد فدعا بطست فغسل الغالية، و قال: كرهت أن
أكذّب قول مسلم بن الوليد:
لا يعبق الطّيب خدّيه
و مفرقه
و لا يمسّح عينيه من الكحل
يشير على يزيد بن مزيد
بإحراق كتاب وصله
أخبرني جعفر بن قدامة،
قال: حدّثني عبد اللّه بن أبي سعد، قال: حدّثني أبو توبة، قال:
كان مسلم بن الوليد جالسا
بين يدي يزيد بن مزيد فأتاه كتاب فيه مهمّ له، فقرأه سرّا و وضعه، ثم أعاد قراءته
و وضعه، ثم أراد القيام، فقال له مسلم بن الوليد:
[2]
في الديوان- 24 «حيي الرجاء»، و في
المستجاد- 101:
«...
بحديث النفس نظرته»
. و جاء في الشرح «إذا خلت بحديث النفس فكرته فإنه يفكر في بذل العطايا
للناس فيموت خوفهم للفقر عند ذلك».
[3]
في ف «و حل جودك»، و المثبت من ما، مج، و الديوان- 23، و
جاء في الشرح «صدّقت ظني و ظن من علم إقبالي إليك، و أغنيتني عن السفر
فلا أحتاج إلى أن أسافر بعدها أبدا».