العيان، و أمنّيها ما قد
حيل دونه. و اللّه إنّ إرسالي إليها بعد ما قد لاح من تغيرها لذلّ، و إنّ عدولي
عنها و في أمرها شبهه لعجز، و إنّ تصبري عنها لمن دواعي التلف، و للّه درّ محمد بن
أمية [1] حيث يقول:
يا ليت شعري ما يكون
جوابي
أمّا الرسول فقد مضى بكتابي
و تعجّلت نفسي الظنون
و أشعرت
طمع الحريص و خيفة المرتاب
و تروعني حركات كلّ
محرّك
و الباب يقرعه و ليس ببابي
كم نحو باب الدار لي
من وثبة
أرجو الرسول بمطمع كذّاب
و الويل لي من بعد
هذا كلّه
إن كان ما أخشاه ردّ جوابي
تعتذر إلى بنان و قد غضب
عليها فلا يقبل عذرها
حدّثني جحظة، قال: حدّثني
عليّ بن يحيى المنجّم، قال:
غضب بنان على فضل الشاعرة
في أمر أنكره عليها، فاعتذرت إليه، فلم يقبل معذرتها، فأنشدتني لنفسها في ذلك:
يا فضل صبرا إنها
ميتة
يجرعها الكاذب و الصادق
ظنّ بنان أنني خنته
روحي إذا من بدني طالق
تجيز بيتا لعلي بن الجهم
طلب إليها إجازته
أخبرني محمد بن خلف بن
المرزبان، قال: حدّثني أبو العباس المروزيّ، قال:
قال المتوكل لعليّ بن
الجهم: قل بيتا، و طالب فضل الشاعرة بأن تجيزه، فقال عليّ: أجيزي يا فضل:
/
لاذ بها يشتكي إليها
فلم يجد عندها ملاذا
قال: فأطرقت هنيهة ثم
قالت:
فلم يزل ضارعا إليها
تهطل أجفانه رذاذا
فعاتبوه فزاد عشقا
فمات وجدا فكان ما ذا؟
فطرب المتوكل، و قال:
أحسنت و حياتي يا فضل، و أمر لها بمائتي دينار، و أمر عريب فغنّت في الأبيات.
قال مؤلف هذا الكتاب [2]:
أعرف في هذه الأبيات هزجا لا أدري أ هو هذا اللحن، أم غيره؟ و لم أره في أغاني
عريب، و لعله شذّ عنها.