فقال الرشيد: كان ذلك معن
بن زائدة، فقال: صدق أمير المؤمنين، ثم أنشد حتى انتهى إلى قوله:
و مدجّج يغشى المضيق
بسيفه
حتى يكون بسيفه الإفراج
فقال الرشيد: ذلك يزيد بن
مزيد، فقال: صدق أمير المؤمنين، فاغتاظ جعفر بن يحيى، و كان يزيد بن مزيد عدوّا
للبرامكة، مصافيا للفضل بن الربيع، فلما انتهى إلى قوله:
نزلت نجوم الليل فوق
رءوسهم
و لكلّ قوم كوكب وهّاج
قال له جعفر بن يحيى: من
قلّة الشعر حتى [1] تمدح أمير المؤمنين بشعر قيل في غيره! هذا لبشّار في فلان
التميميّ، فقال الرشيد: ما تقول يا سلم؟ قال: صدق يا سيدي، و هل أنا إلا جزء من
محاسن بشار، و هل أنطلق إلا بفضل منطقه! و حياتك يا سيدي إني لأروي له تسعة آلاف
بيت ما يعرف أحد غيري منها شيئا، فضحك الرشيد، و قال: ما أحسن الصدق! امض في شعرك،
و أمر له بمائة ألف درهم، ثم قال للفضل بن الربيع: هل قال أحد غير سلم في طيّنا
المنازل شيئا؟- و كان الرشيد قد انصرف من الحج،/ و طوى المنازل.
وصفه هو و النمري على
الرشيد للمنازل
فوصف ذلك سلم- فقال الفضل:
نعم يا أمير المؤمنين، النّمريّ، فأمر سلما أن يثبت قائما حتى يفرغ النمريّ من
إنشاده، فأنشده النّميريّ قوله:
تخرّق سربال الشباب
مع البرد
و حالت لنا أمّ الوليد عن العهد
فقال الرشيد للعباس بن
محمد: أيّهما أشعر عندك يا عم؟ قال: كلاهما شاعر، و لو كان كلام يستفحل [2] لجودته
حتى يؤخذ منه نسل لاستفحلت كلام النّمريّ، فأمر له بمائة ألف درهم أخرى.
رثاه أشجع السلمي
أخبرني عمي، قال: أنشدني
أحمد بن أبي طاهر لأشجع السّلميّ يرثي سلما الخاسر و مات سلم قبله: