دخل الرّبيع على المهديّ و أبو عبيد اللّه جالس يعرض
كتبا، فقال له أبو عبيد اللّه: مر هذا أن يتنحّى- يعني الربيع- فقال له المهدي:
تنحّ، فقال: لا أفعل. فقال: كأنك تراني بالعين الأولى! فقال: لا، بل أراك بالعين
الّتي أنت بها. قال: فلم لا تتنحّى إذ أمرتك؟ فقال له: أنت ركن الإسلام، و قد قتلت
ابن هذا، فلا آمن أن يكون معه حديدة يغتالك بها، فقام المهديّ مذعورا، و أمر
بتفتيشه، فوجدوا بين جوربه و خفّه سكّينا، فردّت الأمور كلّها إلى الربيع، و عزل
أبو عبيد اللّه، و ولّي يعقوب بن داود، فقال سلم الخاسر فيه:
يعقوب ينظر في الأمو
ر و أنت تنظر ناحيه
أدخلته فعلا عل
يك كذاك شؤم الناصية
قال: و كان بلغ المهديّ من
جهة الربيع أن ابن أبي عبيد اللّه زنديق، فقال له المهديّ: هذا حسد منك. فقال:
افحص عن هذا، فإن كنت
مبطلا بلغت منّي الّذي يلزم من كذبك. فأتى بابن عبيد اللّه، فقرّره تقريرا خفيّا،
فأقرّ بذلك، فاستتابه، فأبى أن يتوب، فقال لأبيه: اقتله، فقال: لا تطيب نفسي بذلك.
فقتله و صلبه على باب أبي عبيد اللّه.
/ قال:
و كان ابن أبي عبيد اللّه هذا من أحمق الناس: وهب له المهديّ وصيفة، ثم سأله بعد
ذلك عنها، فقال: ما وضعت بيني و بين الأرض حشيّة قطّ أوطأ منها حاشا سامع [1]،
فقال المهديّ لأبيه: أ تراه يعنيني، أو يعنيك؟ قال: بل يعني أمّه الزانية، لا
يكنى.
شعره في الفضل بن الربيع
حين أخذ البيعة للمهدي
أخبرني الحسن بن عليّ،
قال: حدثنا ابن مهرويه، قال: حدّثني يحيى بن الحسن، قال: حدّثني أبي، قال:
كنت أنا و الربيع نسير
قريبا من محمل المنصور حين [2] قال للربيع: رأيت كأن الكعبة تصدّعت، و كأن رجلا
جاء بحبل أسود فشدّدها، فقال له الربيع: من الرجل؟ فلم يجبه، حتى إذا اعتلّ قال
للربيع: أنت الرجل الّذي رأيته في نومي شدّد الكعبة! فأيّ شيء تعمل بعدي؟ قال: ما
كنت أعمل في حياتك، فكان من أمره في أخذ البيعة للمهديّ ما كان، فقال سلم الخاسر
في الفضل بن الربيع: