قال: فقال سلم الخاسر
أبياتا، ثم أخذ معنى هذا البيت، فسلخه، و جعله في قوله:
من راقب الناس مات
غمّا
و فاز باللذة الجسور
سبب غضب بشار عليه ثم
رضاه عنه
فبلغ بيته بشارا، فغضب و
استشاط، و حلف ألا يدخل إليه، و لا يفيده و لا ينفعه ما دام حيّا. فاستشفع إليه
بكلّ صديق له، و كلّ من يثقل عليه ردّه، فكلّموه فيه، فقال: أدخلوه إليّ، فأدخلوه
إليه فاستدناه، ثم قال: إيه يا سلم، من الّذي يقول:
من راقب الناس لم
يظفر بحاجته
و فاز بالطيّبات الفاتك اللهج
قال: أنت يا أبا معاذ، قد
جعلني اللّه فداءك! قال: فمن الّذي يقول:
من راقب الناس مات
غمّا
و فاز باللذة الجسور؟
قال: تلميذك، و خرّيجك، و
عبدك يا أبا معاذ، فاجتذبه إليه، و قنّعه [2] بمخصرة [3] كانت في يده ثلاثا، و هو
يقول: لا أعود يا أبا معاذ إلى ما تنكره، و لا آتي شيئا تذمّه، إنما أنا عبدك، و
تلميذك، و صنيعتك، و هو يقول له:
يا فاسق! أ تجيء إلى معنى
قد سهرت له عيني، و تعب فيه فكري و سبقت الناس إليه، فتسرقه، ثم تختصره لفظا
تقرّبه به، لتزري عليّ، و تذهب بيتي؟ و هو يحلف له ألا يعود، و الجماعة يسألونه.
فبعد لأي و جهد ما [4] شفّعهم فيه، و كفّ عن ضربه، ثم رجع له، و رضي عنه.
أخبرني أحمد بن عبيد اللّه
بن عمار [5]، قال: أخبرني يعقوب بن إسرائيل مولى المنصور، قال: حدّثني عبد الوهاب
بن مرّار، قال: حدّثني أبو معاذ النّميريّ راوية بشار، قال:
قد كان بشار قال قصيدة
فيها هذا البيت:
من راقب الناس لم
يظفر بحاجته
و فاز بالطيّبات الفاتك اللهج
/ قال: فقلت له يا أبا معاذ! قد قال سلم الخاسر بيتا،
هو أحسن و أخفّ على الألسن من بيتك هذا، قال:
و ما هو؟ فقلت:
من راقب الناس مات
غمّا
و فاز باللذة الجسور
فقال بشار: ذهب و اللّه
بيتنا، أما و اللّه لوددت أنه ينتمي في غير ولاء أبي بكر- رضي اللّه عنه- و أني
مغرم [6]