responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الاغانی المؤلف : ابو الفرج الإصفهاني    الجزء : 19  صفحة : 175

قالوا حرام تلاقينا فقلت لهم‌

ما في التّلاقي و لا في غيره حرج‌

من راقب الناس لم يظفر بحاجته‌

و فاز بالطيّبات الفاتك اللهج [1]

قال: فقال سلم الخاسر أبياتا، ثم أخذ معنى هذا البيت، فسلخه، و جعله في قوله:

من راقب الناس مات غمّا

و فاز باللذة الجسور

سبب غضب بشار عليه ثم رضاه عنه‌

فبلغ بيته بشارا، فغضب و استشاط، و حلف ألا يدخل إليه، و لا يفيده و لا ينفعه ما دام حيّا. فاستشفع إليه بكلّ صديق له، و كلّ من يثقل عليه ردّه، فكلّموه فيه، فقال: أدخلوه إليّ، فأدخلوه إليه فاستدناه، ثم قال: إيه يا سلم، من الّذي يقول:

من راقب الناس لم يظفر بحاجته‌

و فاز بالطيّبات الفاتك اللهج‌

قال: أنت يا أبا معاذ، قد جعلني اللّه فداءك! قال: فمن الّذي يقول:

من راقب الناس مات غمّا

و فاز باللذة الجسور؟

قال: تلميذك، و خرّيجك، و عبدك يا أبا معاذ، فاجتذبه إليه، و قنّعه [2] بمخصرة [3] كانت في يده ثلاثا، و هو يقول: لا أعود يا أبا معاذ إلى ما تنكره، و لا آتي شيئا تذمّه، إنما أنا عبدك، و تلميذك، و صنيعتك، و هو يقول له:

يا فاسق! أ تجي‌ء إلى معنى قد سهرت له عيني، و تعب فيه فكري و سبقت الناس إليه، فتسرقه، ثم تختصره لفظا تقرّبه به، لتزري عليّ، و تذهب بيتي؟ و هو يحلف له ألا يعود، و الجماعة يسألونه. فبعد لأي و جهد ما [4] شفّعهم فيه، و كفّ عن ضربه، ثم رجع له، و رضي عنه.

أخبرني أحمد بن عبيد اللّه بن عمار [5]، قال: أخبرني يعقوب بن إسرائيل مولى المنصور، قال: حدّثني عبد الوهاب بن مرّار، قال: حدّثني أبو معاذ النّميريّ راوية بشار، قال:

قد كان بشار قال قصيدة فيها هذا البيت:

من راقب الناس لم يظفر بحاجته‌

و فاز بالطيّبات الفاتك اللهج‌

/ قال: فقلت له يا أبا معاذ! قد قال سلم الخاسر بيتا، هو أحسن و أخفّ على الألسن من بيتك هذا، قال:

و ما هو؟ فقلت:

من راقب الناس مات غمّا

و فاز باللذة الجسور

فقال بشار: ذهب و اللّه بيتنا، أما و اللّه لوددت أنه ينتمي في غير ولاء أبي بكر- رضي اللّه عنه- و أني مغرم [6]


[1] اللهج بالشي‌ء: المولع به.

[2] قنعه بالعصا و نحوها: غشاه بها.

[3] المخصرة: أداة كالسوط.

[4] ما شفعهم «ما» زائدة.

[5] ف «محمد بن عبد اللّه بن عمار».

[6] مغرم: ملزم.

اسم الکتاب : الاغانی المؤلف : ابو الفرج الإصفهاني    الجزء : 19  صفحة : 175
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست