حدّثني أبو بكر الرّبيعيّ،
قال: حدّثتني عمتي- و كانت ربّيت في دار عمّها عبد اللّه بن العباس- قالت: كان عبد
اللّه لا يفارق الصّبوح أبدا إلا في يوم جمعة، أو شهر رمضان، و إذا حجّ. و كانت له
وصيفة يقال لها: هيلانة قد ربّاها و علّمها الغناء، فأذكره يوما و قد اصطبح، و أنا
في حجره جالسة و القدح في يده اليمنى، و هو يلقي على الصّبيّة صوتا أوله:
صدع البين الفؤادا
إذ به الصائح نادى
فهو يردّده، و يومئ بجميع
أعضائه إليها يفهمها نغمه، و يوقّع بيده على كتفي مرّة و على فخذي أخرى، و هو لا
يدري حتى أوجعني، فبكيت و قلت: قد أوجعتني ممّا تضربني و هيلانة لا تأخذ الصّوت و
تضربني أنا، فضحك حتى استلقى و استملح قولي، فوهب لي ثوب قصب أصفر، و ثلاثة دنانير
جددا، فما أنسى فرحي بذلك و قيامي به إلى أمّي، و أنا أعدو إليها و أضحك فرحا به.