أخبرني محمد بن الحسن بن
دريد، قال: حدّثنا عمّي، عن ابن الكلبيّ، عن أبيه، قال:
وفد زهير بن جناب و أخوه
حارثة على بعض ملوك غسّان، فلما دخلا عليه [3] حدّثاه و أنشداه، فأعجب بهما و
نادمهما، فقال يوما لهما: إن أمّي عليلة شديدة العلّة، و قد أعياني دواؤها، فهل
تعرفان لها دواء؟ فقال حارثة:
كميرة حارّة- و كانت فيه
لوثة- فقال الملك: أيّ شيء قلت؟ فقال له زهير: كميئة حارّة تطعمها، فوثب الملك- و
قد فهم الأولى و الآخرة- يريهما أنه يأمر بإصلاح الكمأة لها، و حلم عن مقالة
حارثة. و قال حارثة لزهير: يا زهير اقلب ما شئت ينقلب، فأرسلها مثلا.
ذهب عقله آخر عمره فكان
يخرج فيرده أحد ولده
أخبرني عمّي، قال: حدّثنا
عبد اللّه بن أبي سعد، قال: حدّثني أحمد بن الغيث الباهليّ عن أبيه، قال:
كان من حديث زهير بن جناب
الكلبيّ أنّه كان قد بلغ عمرا طويلا حتى ذهب عقله، و كان يخرج تائها لا يدري أين
يذهب، فتلحقه المرأة من أهله و الصّبيّ، فتردّه و تقول له: إني أخاف عليك الذّئب
أن يأكلك، فأين تذهب؟
فذهب يوما من أيّامه، و
لحقته ابنة له فردّته، فرجع معها و هو يهدج كأنه رأل [4]، و راحت عليهم سماء في
الصيف/ فعلتهم منها بغشة [5] ثم أردفها غيث، فنظر و سمع له الشّيخ زجلا منكرا.
فقال: ما هذا يا بنيّة؟ فقالت: عارض
[1]
في «المختار»: «ويحكم في حفيظة الأحساب». و في ف «أين حامي حفيظة الأحساب».