و هل ترك لنا أحدا يؤذينا
بفراقه؟ و تطيّر من ذلك، فما فرغ من كلامه حتى دخل رسولها يعلمه/ أنها/ قد قدمت
منذ ثلاثة أيام، و أنها قد جاءته زائرة على إثر رسولها، فقال في ذلك من وقته:
دعاني المتوكّل، فلما جلست
في مجلس المنادمة غنّيت هذا الصّوت فقال لي: يا عبد اللّه، أين غناؤك في هذا الشعر
في أيّامي هذه من غنائك في:
/
أماطت كساء الخزّ عن حرّ وجهها
و أدنت على الخدّين بردا مهلهلا
و من غنائك في:
أقفر من بعد خلّة
سرف
فالمنحنى فالعقيق فالجرف
و من سائر صنعتك المتقدّمة
الّتي استفرغت محاسنك فيها، فقلت له: يا أمير المؤمنين، إنّي كنت أتغنّى في هذه
الأصوات و لي شباب و طرب و عشق، و لو ردّ عليّ لغنّيت مثل ذلك الغناء، فأمر لي
بجائزة و استحسن قولي.
غنى للمنتصر بشعر لم
يطلبه منه فلم يصله بشيء
حدّثني عمّي، قال: حدّثنا
أحمد بن المرزبان، قال: حدّثني أبي، قال:
ذكر المنتصر يوما عبد
اللّه بن العبّاس و هو في قراح [4] النّرجس مصطبح، فأحضره و قال له: يا عبد اللّه،
اصنع
[1]
القفاعة: شيء يتخذ من جريد النخل، ثم
يرسل به على الصيد فيصاد.
[2]
كركين: من قرى بغداد (معجم ياقوت). و
في ب «بكرين» و هو تحريف.