responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الاغانی المؤلف : ابو الفرج الإصفهاني    الجزء : 19  صفحة : 133

حميد بن بحدل يغير على بوادي قيس‌

فجمع لهم حميد بن الحريث بن بحدل، ثم خرج يريد الغارة على بوادي قيس، فانتهى إلى ماء لبني تغلب، فإذا النّساء و الصّبيان يبكون، فقالت لهم النساء- و هن يحسبنهم قيسا-: ويحكم، ما ردّكم إلينا، فقد فعلتم بنا بالأمس ما فعلتم! فقالت لهم كلب: و ما لكم؟ قالوا: أغار علينا بالأمس عمير بن الحباب، فقتل رجالنا، و استاق أموالنا، و لم يشككن أنّ الخيل خيل قيس و أنّ عميرا عاد إليهن، فقال بعض كلب لحميد: ما تريد من نسوة قد أغير عليهن و حربن، و صبية يتامى، و تدع عميرا. فاتّبعوه، فبينا هم يسيرون إذ أخذوا رجلا ربيئة للقوم. فسألوه فقال لهم: هذا الجيش/ هاهنا و الأموال، و قد خرج عمير في فوارس يريد الغارة على أهل بيت من بني زهير بن جناب، أخبر عنهم مخبر، فأقام حميد حتى جنّ عليه اللّيل، ثم بيّت القوم بياتا. و قال حميد لأصحابه: شعاركم: نحن عباد اللّه حقّا. فأصابوا عامة ذلك العسكر، و نجا فيمن نجا رجل عريان قذف ثوبه و جلس على فرس عري، فلما انتهى إلى عمير، قال عمير: قد كنت أسمع بالنذير العريان [1] فلم أره، فهو هذا، ويلك ما لك! قال: لا أدري غير أنه لقينا قوم فقتلوا من قتلوا و أخذوا العسكر، فقال: أ فتعرفهم؟ قال: لا، فقصد عمير القوم و قال لأصحابه: إن كانت الأعاريب فسيسارعون إلينا إذا رأونا، و إن كانت خيول أهل الشام فستقف. و أقبل عمير، فقال حميد لأصحابه: لا يتحرّكن منكم أحد، و انصبوا القنا، فحمل عمير حملة لم تحرّكهم، ثم حمل فلم يتحرّكوا، فنادى مرارا: ويحكم من أنتم؟! فلم يتكلّموا، فنادى عمير أصحابه: ويلكم خيل بني بحدل و الأمانة، و انصرف على حاميته، فحمل عليه فوارس من كلب يطلبونه، و لحقه مولى لكلب يقال له شقرون، فاطّعنا، فجرح عمير و هرب حتى دخل قرقيسيا إلى زفر، و رجع حميد إلى من ظفر به من الأسرى و القتلى، فقطع سبالهم [2] و أنفسهم، فجعلها في خيط، ثم ذهب بها إلى الشّام، و قال قائل: بل بعث بها إلى عمير و قال: كيف ترى؟ أ وقعي أم وقعك؟ فقال في ذلك سنان بن جابر الجهنيّ:

لقد طار في الآفاق أنّ ابن بحدل‌

حميدا شفى كلبا فقرّت عيونها

/ و عرّف قيسا بالهوان [3] و لم تكن‌

لتنزع إلّا عند أمر يهينها

/ فقلت له: قيس بن عيلان إنّه‌

سريع- إذا ما عضّت الحرب- لينها

سما بالعتاق الجرد من مرج راهط

و تدمر ينوي بذلها لا يصونها [4]

فكان لها عرض السّماوة ليلة

سواء عليها سهلها و حزونها

فمن يحتمل في شأن كلب ضغينة

علينا إذا ما حان في الحرب حينها

فإنّا و كلبا كاليدين متى تضع‌

شمالك في شي‌ء [5] تعنها يمينها

لقد تركت قتلي حميد بن بحدل‌

كثيرا ضواحيها قليلا دفينها

و قيسيّة قد طلّقتها رماحنا

تلفت كالصّيداء [6] أودى جنينها


[1] ب «كنت أسمع بالمدينة بلاء نذيره العريان».

[2] السبال جمع سبلة؛ و هي الدائرة في وسط الشفة العليا، و قيل: ما على الشارب من الشعر. و في مي «بنانهم».

[3] ب «بالقوافي».

[4] ب:

« تدمر تنزى بزلها لا يصونها»

. [5] مي «في أمر».

[6] الصيداء: المائلة العنق.

اسم الکتاب : الاغانی المؤلف : ابو الفرج الإصفهاني    الجزء : 19  صفحة : 133
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست