responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الاغانی المؤلف : ابو الفرج الإصفهاني    الجزء : 19  صفحة : 117

لو أنّها قبّة الإسلام ما ساوت ألف درهم. فقيل له: إن معها جبّة وشي حشوها قزّ قيمتها عشرون ألف دينار، فقال:

أمّه زانية لو أنّ حشوها زغب أجنحة الملائكة ما ساوت عشرين دينارا.

أشعب و رجل من ولد عامر بن لؤي‌

أخبرني عمّي، قال: حدّثني أبو أيوب المدائنيّ، قال: حدّثني مصعب بن عبد اللّه الزّبيري، عن أبيه، قال:

حدّثني أشعب، قال:

ولي المدينة رجل من ولد عامر بن لؤيّ، و كان أبخل النّاس و أنكدهم [1]، و أغراه اللّه بي يطلبني في ليله و نهاره، فإن هربت منه هجم على منزلي بالشّرط، و إن كنت في موضع بعث إلى من أكون معه أو عنده يطلبني منه، فيطالبني بأن أحدّثه و أضحكه، ثم لا أسكت و لا ينام [2]، و لا يطعمني و لا يعطيني شيئا، فلقيت منه جهدا عظيما و بلاء شديدا. و حضر الحجّ، فقال لي: يا أشعب، كن معي، فقلت: بأبي أنت و أمي، أنا عليل، و ليست لي نية في الحج. فقال: عليه و عليه، و قال: إن الكعبة بيت النّار، لئن لم تخرج معي لأودعنّك الحبس حتى أقدم، فخرجت معه مكرها، فلما نزلنا المنزل أظهر أنّه صائم و نام حتى تشاغلت، ثم أكل ما في سفرته، و أمر غلامه أن يطعمني رغيفين بملح، فجئت و عندي أنّه صائم، و لم أزل أنتظر المغرب/ أتوقّع إفطاره، فلما صلّيت المغرب قلت لغلامه:

ما ينتظر بالأكل؟ قال: قد أكل منذ زمان، قلت: أ و لم يكن صائما؟ قال: لا، قلت: أ فأطوي أنا؟ قال: قد أعدّ لك ما تأكله فكل، و أخرج إليّ الرّغيفين و الملح فأكلتهما و بتّ ميّتا جوعا، و أصبحت فسرنا حتى نزلنا المنزل، فقال لغلامه: ابتع لنا لحما بدرهم، فابتاعه، فقال: كبّب لي قطعا، ففعل، فأكله و نصب القدر، فلما اغبرّت قال: اغرف لي منها قطعا، ففعل، فأكلها، ثم قال: اطرح فيها دقّة و أطعمني منها، ففعل، ثم قال: ألق توابلها و أطعمني منها، ففعل؛ و أنا جالس أنظر إليه لا يدعوني، فلما استوفى اللّحم كلّه قال: يا غلام، أطعم أشعب، و رمى إليّ برغيفين، فجئت إلى القدر و إذا ليس فيها إلا مرق و عظام، فأكلت الرّغيفين، و أخرج له جرابا فيه فاكهة يابسة، فأخذ منها حفنة فأكلها، و بقي في كفّه كفّ لوز بقشره، و لم يكن له فيه حيلة، فرمى به إليّ و قال: كل هذا يا أشعب، فذهبت أكسر واحدة منها فإذا بضرسي قد انكسرت منه قطعة فسقطت/ بين يديّ، و تباعدت أطلب حجرا أكسره به، فوجدته، فضربت له لوزة فطفرت- يعلم اللّه- مقدار رمية حجر، و عدوت في طلبها، فبينما أنا في ذلك إذ أقبل بنو مصعب- يعني ابن ثابت و إخوته- يلبّون بتلك الحلوق الجهوريّة، فصحت بهم: الغوث الغوث العياذ باللّه و بكم يا آل الزّبير، الحقوني أدركوني، فركضوا إليّ، فلما رأوني قالوا: أشعب، ما لك ويلك! قلت: خذوني معكم تخلّصوني من الموت، فحملوني معهم، فجعلت أرفرف بيدي كما يفعل الفرخ إذا طلب الزّقّ من أبويه، فقالوا: ما لك ويلك! قلت: ليس هذا وقت الحديث، زقّوني مما معكم، فقد متّ ضرّا و جوعا منذ ثلاث، قال: فأطعموني حتى تراجعت نفسي، و حملوني معهم في محمل، ثم قالوا: أخبرنا بقصّتك، فحدّثتهم و أريتهم ضرسي المكسورة، فجعلوا يضحكون/ و يصفّقون و قالوا: ويلك! من أين وقعت على هذا؟ هذا من أبخل خلق اللّه و أدنئهم نفسا، فحلفت بالطّلاق أني لا أدخل المدينة ما دام له بها سلطان، فلم أدخلها حتى عزل.


[1] مد «و أنكرهم».

[2] ف «و لا أنام».

اسم الکتاب : الاغانی المؤلف : ابو الفرج الإصفهاني    الجزء : 19  صفحة : 117
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست