responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الاغانی المؤلف : ابو الفرج الإصفهاني    الجزء : 19  صفحة : 111

فلما رآه حاجبه قال: ويحك، بلغت بك العلّة ما أرى؟ و دخل و أعلم صاحبه فأذن له، فلما دخل عليه إذا سالم بن عبد اللّه عنده، فجعل يزيد في الرّعدة و يقارب الخطو، فجلس و ما يقدر أن يستقلّ، فقال عبد اللّه: ظلمناك يا أشعب في غضبنا عليك، فقال له سالم: ما لك ويلك! أ لم تكن عندي آنفا و أكلت هريسة؟ فقال له: و أيّ أكل ترى بي؟

قال: ويلك! أ لم أقل لك كيت و كيت و تقل لي كيت و كيت؟ قال له: شبّه لك، قال: لا حول و لا قوة إلا باللّه، و اللّه إني لأظنّ الشيطان يتشبّه بك. ويلك! أ جادّ أنت؟ قال: عليّ و عليّ إن كنت خرجت منذ شهر [1]. فقال له عبد اللّه:

اعزب ويحك أ تبهته، لا أمّ لك! قال: ما قلت إلا حقّا، قال: بحياتي اصدقني و أنت آمن من غضبي، قال:

لا و حياتك لقد صدق. ثم حدّثه بالقصة فضحك حتى استلقى على قفاه.

ابنه يذكر بعض طرائف أبيه‌

[2] أخبرني رضوان بن أحمد بن يوسف بن إبراهيم، عن إبراهيم بن المهديّ:

أنّ الرشيد لمّا ولّاه دمشق بعث إليه عبد اللّه بن أشعب، و كان يقدم عليه من الحجاز إذا أراد أن يطرب.

/ قال إبراهيم: و كان يحدّثني من حديث أبيه بالطرائف:

عادلته [3] يوما و أنا خارج من دمشق في قبّة على بغل لألهو بحديثه، فأصابنا في الطريق برد شديد فدعوت بدوّاج سمّور [4] لألبسه، فأتيت به فلما لبسته أقبلت على ابن أشعب فقلت: حدّثني بشي‌ء من طمع أبيك. فقال لي:

ما لك و لأبي، ها أنا إذا دعوت بالدّوّاج فما شككت و اللّه في أنك إنما جئت به لي، فضحكت من قوله، و دعوت بغيره فلبسته و أعطيته إياه، ثم قلت له:

أ لأبيك ولد غيرك؟ فقال: كثير، فقلت: عشرة؟ قال: أكثر، قلت: فخمسون؟ قال: أكثر كثير، قلت: مائة؟

قال: دع المئين و خذ الألوف، فقلت: ويلك! أيّ شي‌ء تقوله؟ أشعب أبوك ليس بينك و بينه أب، فكيف يكون له ألوف من الولد؟ فضحك ثم قال: لي في هذا خبر ظريف، فقلت له: حدّثني به، فقال:

كان أبي منقطعا إلى سكينة بنت الحسين، و كانت متزوجة بزيد بن عمرو بن عثمان بن عفان و كانت محبّة له، فكان لا يستقر معها، تقول له: أريد الحج فيخرج معها، فإذا أفضوا إلى مكة تقول: أريد الرجوع إلى المدينة، فإذا عاد إلى المدينة، قالت: أريد العمرة، فهو معها في سفر لا ينقضي. قال عبد اللّه: فحدّثني أبي قال:

كانت قد حلّفته بما لا كفّارة له ألا يتزوج عليها و لا يتسرّى و لا يلمّ بنسائه و جواريه إلا بإذنها، و حجّ الخليفة في سنة من السنين فقال لها: قد حج الخليفة و لا بدّ لي من لقائه، قالت: فاحلف بأنك لا تدخل الطائف، و لا تلمّ بجواريك على وجه و لا سبب، فحلف لها بما رضيت به من الأيمان على ذلك، ثم قالت له: احلف بالطلاق، فقال: لا أفعل، و لكن ابعثي معي بثقتك، فدعتني و أعطتني ثلاثين دينارا و قالت لي: اخرج معه، و حلّفتني/ بطلاق بنت وردان زوجتي ألا أطلق له الخروج إلى الطائف بوجه و لا سبب، فحلفت لها بما أثلج صدرها، فأذنت له فخرج و خرجت معه. فلما حاذينا الطائف قال لي: يا أشعب، أنت تعرفني و تعرف صنائعي عندك، و هذه ثلاثمائة دينار،


[1] ف «إن كنت رأيتك منذ شهر».

[2] سقط هذا الخبر من ب، و أثبتناه من ف، ما، مد.

[3] عادله: ركب معه.

[4] الدواج: اللحاف الّذي يلبس. و السمور: حيوان بري يتخذ من جلده فراء ثمينة للينها و خفتها و إدفائها.

اسم الکتاب : الاغانی المؤلف : ابو الفرج الإصفهاني    الجزء : 19  صفحة : 111
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست