و قالوا جميعا: قالت أمّ
أبان والدة مزاحم بن عمرو المقتول، و هي من خثعم، ترثي ابنها، و تحضّض مصعبا و
جناحا أخويه [1]:
بأهلي و مالي، بل
بحلّ عشيرتي
قتيل بني تيم بغير سلاح
فهلّا قتلتم بالسّلاح
ابن أختكم
فتظهر فيه للشهود جراح
فلا تطمعوا في الصلح
ما دمت حيّة
و ما دام حيّا مصعب و جناح
أ لم تعلموا أنّ
الدّوائر بيننا
تدور، و أنّ الطالبين شحاح
اشتداد الشربين خثعم و
بني سلول
قالوا: فلما طال حبسه، و
لم يجد عليه أحمد بن إسماعيل سبيلا و لا حجّة خلّاه، و قتلت بنو سلول رجلا من خثعم
مكان المقتول، و قتلت خثعم بعد ذلك نفرا من سلول. و لهم في ذلك قصص و أشعار كثيرة.
مقتله
قالوا: و أقبل ابن
الدّمينة حاجّا بعد مدّة طويلة، فنزل بتبالة [2]، فعدا عليه مصعب أخو المقتول لمّا
رآه، و قد كانت أمّه حرّضته عليه، و قالت: اقتل ابن الدّمينة، فإنه قتل أخاك، و
هجا قومك، و ذمّ أختك،/ و قد كنت أعذرك قبل هذا، لأنك كنت صغيرا، و قد كبرت الآن.
فلما أكثرت عليه خرج من عندها، و بصر بابن الدّمينة واقفا ينشد الناس، فغدا إلى
جزّار فأخذ شفرته، و عدا على ابن الدّمينة، فجرحه جراحتين، فقيل: إنه مات لوقته. و
قيل: بل سلم تلك الدّفعة، و مرّ به مصعب بعد ذلك و هو في سوق العبلاء ينشد، فعلاه
بسيفه حتى قتله، و عدا و تبعه الناس حتّى اقتحم دارا و أغلقها على نفسه، فجاءه رجل
من قومه فصاح به: يا مصعب، إن لم تضع يدك في يد السلطان قتلتك العامّة فاخرج، فلما
عرفه قال له: أنا في ذمّتك حتى تسلّمني إلى السلطان؟ قال: نعم، فخرج إليه و وضع
يده في يده، فسلّمه إلى السلطان، فقذفه في سجن تبالة.
يحرض قومه و يوبخهم
قال السّكّريّ في خبره: و
مكث ابن الدّمينة جريحا ليلته، و مات في غد، فقال في تلك الليلة يحرّض قومه [3] و
يوبخهم: