responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الاغانی المؤلف : ابو الفرج الإصفهاني    الجزء : 17  صفحة : 247

غنينا زمانا بالتّصعلك و الغنى‌

و كلّا سقاناه بكأسهما العصر [1]

فما زادنا بغيا على ذي قرابة

غنانا و لا أزرى بأحسابنا الفقر

و ما ضرّ جارا يا ابنة القوم فاعلمي‌

يجاورني ألّا يكون له ستر [2]

بعيني عن جارات قومي غفلة

و في السّمع منّي عن حديثهم وقر

فلما فرغ حاتم من إنشاده دعت بالغداء، و كانت قد أمرت إماءها أن يقدّمن إلى كل رجل منهم ما كان أطعمها، فقدّمن إليهم ما كانت أمرتهنّ أن يقدمنه إليهم، فنكّس النّبيتيّ رأسه و النابغة، فلما نظر حاتم إلى ذلك رمى بالذي قدّم إليهما [3]، و أطعمهما مما قدم إليه، فتسللا لواذا، و قالت: إنّ حاتما أكرمكم و أشعركم.

فلما خرج النّبيتيّ و النابغة قالت لحاتم:/ خلّ سبيل امرأتك، فأبى، فزوّدته و ردّته. فلما انصرف دعته نفسه إليها، و ماتت امرأته، فخطبها فتزوّجته، فولدت عديّا.

إسلام عدي بن حاتم‌

و قد كان عديّ أسلم و حسن إسلامه، فبلغنا إنّ النبي صلّى اللّه عليه و سلم قال له، و قد سأله عديّ: يا رسول اللّه، إن أبي كان يعطي و يحمل، و يوفي بالذّمّة، و يأمر بمكارم الأخلاق؛ فقال له رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلم: إنّ أباك خشبة من خشبات جهنّم.

فكأن النبيّ صلّى اللّه عليه و سلم رأى الكآبة في وجهه، فقال له: يا عديّ إنّ أباك و أبي و أبا إبراهيم في النار.

ماوية و حاتم و ابن عمه مالك‌

و كانت ماوية عنده زمانا، و إن ابن عمّ لحاتم كان يقال له: مالك قال لها: ما تصنعين بحاتم؟ فو اللّه لئن وجد شيئا ليتلفنه، و إن لم يجد ليتكلفنّ، و إن مات ليتركنّ ولده عيالا على قومك، فقالت ماوية: صدقت، إنه كذلك.

و كان النساء- أو بعضهنّ- يطلّقن الرجال في الجاهلية، و كان طلاقهن أنهن إن كنّ في بيت من شعر حوّلن الخباء؛ فإن كان بابه قبل المشرق حوّلنه قبل المغرب، و إن كان بابه قبل اليمن حوّلنه قبل الشام؛ فإذا رأى ذلك الرجل علم أنها قد طلقته فلم يأتها. و إن ابن عم حاتم قال لماوية- و كانت أحسن نساء الناس-: طلّقي حاتما، و أنا أنكحك و أنا خير لك منه، و أكثر مالا، و أنا أمسك عليك و على ولدك؛ فلم يزل بها حتى طلّقت حاتما، فأتاها حاتم و قد حوّلت باب الخباء، فقال: يا عديّ، ما ترى أمّك عدي [4] عليها؟ قال: لا أدري، غير أنها قد غيّرت باب الخباء، و كأنه لم يلحن [5] لما/ قال، فدعاه فهبط به بطن واد، و جاء قوم فنزلوا على باب الخباء كما كانوا ينزلون، فتوافوا خمسين رجلا، فضاقت بهم ماوية ذرعا، و قالت لجاريتها: اذهبي إلى مالك فقولي له: إن أضيافا لحاتم قد نزلوا بنا خمسين رجلا فأرسل بناب [6] نقرهم و لبن نغبقهم [7]، و قالت لجاريتها: انظري إلى جبينه و فمه فإن‌


[1] ب، س «عنينا». و في الديوان:

عنينا زمانا بالتصعلك و الغنى‌

كما الدّهر في أيّامه العسر و اليسر

لبسنا صروف الدّهر لينا و غلظة

و كلّا سقاناه بكأسهما العصر

[2] البيت ليس في ديوانه، و كذا ما بعده.

[3] ف «بالذي قدمته إليها».

[4] ف «عدا».

[5] لم يلحن: لم يفطن.

[6] الناب: الناقة المسنة.

[7] الغبوق: ما يشرب بالعشي. و غبقه: سقاه ذلك.

اسم الکتاب : الاغانی المؤلف : ابو الفرج الإصفهاني    الجزء : 17  صفحة : 247
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست