قال إسماعيل [2] بن محمد:
فخرجت و أنا شابّ و معي شباب نريد مسجد رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلم، فذكرنا
حديث الأحوص و شعره، و قدّامنا عجوز عليها بقايا من الجمال، فلما بلغنا المسجد
وقفت علينا و التفتت إلينا، و قالت:
يا فتيان، أنا و اللّه
إحدى الخمس، كذب و ربّ هذا القبر و المنبر ما خلت معه واحدة منّا، و لا راجعته دون
نسوتها كلاما.
رواية أخرى في سبب قوله
هذا الشعر
قال الزبير:/ و حدثني غير
إبراهيم بن عبد الرحمن:
أنّ نسوة من أهل المدينة
نذرن مشيا إلى قباء [3] و صلاة فيه، فخرجن ليلا، فطال عليهنّ الليل فنمن، فجاءهنّ
الأحوص متّكئا على عرجون/ بن طاب [4]، فتحدّث معهنّ حتى أصبح، ثم انصرف و انصرفن،
فقال قصيدته:
خمس دسسن إليّ في
لطف
حور العيون نواعم زهر
و حدثني عمّي، عن أبيه،
قال: قال حبيب بن ثابت:
صدرت إلى العقيق، فخلا لي
الطريق، فأنشدت أبيات الأحوص هذه، و عجوز سوداء قاعدة ناحية تسمع ما أقول و لا
أشعر بها، فقالت: كذب و اللّه يا سيّدي؛ إنّ سيفه ليلتئذ لعرجون ابن طاب يتحضّر
به، و إني لرسولهنّ إليه.
قال الزبير: و حدثني عمّي،
عن أبيه، عن الزّبير [5] بن حبيب، قال: كنت أنشد قول الأحوص:
خمس دسسن إليّ في
لطف
قال: فإذا نسوة فيهنّ عجوز
سوداء، فأقبلن على العجوز، فقلن لها: لمن هذا الشعر؟ قالت: للأحوص، فقلت [6]:
للأحوص لعمري، فقالت لهن: أنا و اللّه الجريّ، خرج نسوة يصلّين في مسجد قباء، ثم
تحدّثن في رحبة المسجد، في ليلة مقمرة، فقلن: لو كان عندنا الأحوص! فخرجت حتى
أتيتهنّ به، و هو متخصّر بعرجون ابن طاب، فتحدّث معهنّ حتى دنا الصبح، فقلن له: لا
تذكر خبرنا، و لا تذكر إليه خيرا، قال: قد فعلت، و أنشدهنّ تلك الساعة من الليلة
تلك الأبيات، ثم استمرت بأفواه الناس تغنّي:
خمس دسسن إليّ في
لطف
الأبيات كلّها، و اللّه ما
قامت معه امرأة و لا كان بينه و بين واحدة منهن سرّ [7].