responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الاغانی المؤلف : ابو الفرج الإصفهاني    الجزء : 17  صفحة : 15

فما أبرم [1] الأقوام يوما لحيلة

من الأمر إلّا قلّدوك احتيالها [2]

و قد تخبر الحرب العوان بسرّها

- و إن لم تبح- من لا يريد سؤالها

فأمر هشام أن يجمع له من بحضرته من الرّواة، فجمعوا. فأمر بالأبيات فقرئت عليهم، فقال: شعر من تشبه هذه الأبيات؟ فأجمعوا جميعا من ساعتهم أنه كلام الكميت بن زيد/ الأسديّ، فقال هشام: نعم، هذا الكميت ينذرني بخالد بن عبد اللّه. ثم كتب إلى خالد بخبره، و كتب إليه بالأبيات، و خالد يومئذ بواسط.

هاشميته اللامية

فكتب خالد إلى واليه بالكوفة يأمره بأخذ الكميت و حبسه، و قال لأصحابه: إنه بلغني أنّ هذا يمدح بني هاشم و يهجو بني أمية، فأتوني من شعره هذا بشي‌ء. فأتي بقصيدته اللامية التي أوّلها [3]:

ألا هل عم في رأيه متأمّل‌

و هل مدبر بعد الإساءة مقبل!

فكتبها و أدرجها في كتاب إلى هشام، يقول: هذا شعر الكميت؛ فإن كان قد صدق في هذا فقد صدق في ذاك.

/ فلما قرئت على هشام اغتاظ، فلما قال [4]:

فيا ساسة هاتوا لنا من جوابكم [5]

ففيكم لعمري ذو أفانين مقول‌

اشتدّ غيظه. فكتب إلى خالد يأمره أن يقطع يدي الكميت و رجليه، و يضرب عنقه و يهدم داره، و يصلبه على ترابها.

ابن عنبسة ينذره ليتخلص من الحبس‌

فلما قرأ خالد الكتاب كره أن يستفسد عشيرته، و أعلن الأمر رجاء أن يتخلّص الكميت، فقال: لقد كتب إليّ أمير المؤمنين، و إني لأكره أن أستفسد عشيرته، و سمّاه، فعرف عبد الرحمن بن عنبسة بن سعيد ما أراد، فأخرج غلاما له مولّدا ظريفا، فأعطاه بغلة له شقراء فارهة من بغال الخليفة، و قال: إن أنت وردت الكوفة، فأنذرت الكميت لعله أن يتخلّص من الحبس، فأنت حرّ لوجه اللّه، و البغلة لك، و لك عليّ بعد ذلك إكرامك و الإحسان إليك.

فركب البغلة و سار بقيّة يومه و ليلته من واسط إلى الكوفة فصبّحها، فدخل الحبس متنكّرا، فخبّر الكميت بالقصة، فأرسل إلى امرأته و هي ابنة عمّه يأمرها أن تجيئه و معها ثياب من لباسها و خفّان، ففعلت، فقال: ألبسيني لبسة النساء، ففعلت، ثم قالت له: أقبل، فأقبل، و أدبر، فأدبر. فقالت: ما أرى إلّا يبسا في منكبيك، اذهب في حفظ اللّه.


[1] في أ، ب «فما برم»، و المثبت يوافق ما في الهاشميات.

[2] في ب «احتبالها».

[3] الهاشميات 66.

[4] الهاشميات 68.

[5] في الهاشميات «من حديثكم».

اسم الکتاب : الاغانی المؤلف : ابو الفرج الإصفهاني    الجزء : 17  صفحة : 15
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست