أطلقه على ألّا يدخل
الكوفة ما دام له سلطان. فنزل الموصل، فكان ينتظر موت معاوية ليعود إلى الكوفة،
فمات قبل معاوية بشهر.
و أقبل على عبد الرحمن بن
حسان، فقال له: يا أخا ربيعة، ما تقول في عليّ؟ قال: أشهد أنه من الذاكرين اللّه
كثيرا و الآمرين بالمعروف و الناهين عن المنكر، و العافين عن الناس. قال: فما تقول
في عثمان؟ قال: هو أول من فتح أبواب الظلم، و أرتج أبواب الحقّ. قال: قتلت نفسك.
قال:/ بل إيّاك قتلت، لا ربيعة بالوادي؛ يعني أنه ليس ثمّ أحد من قومه فيتكلم فيه.
فبعث به معاوية إلى زياد،
و كتب إليه: إنّ هذا شرّ من بعثت به، فعاقبه بالعقوبة التي هو أهلها و اقتله شرّ
قتلة.
فلما قدم به على زياد بعث
به إلى قسّ الناطف [1]، فدفنه حيّا.
قال أبو مخنف، عن رجاله:
فكان من قتل منهم سبعة نفر: حجر بن عديّ، و شريك بن شدّاد الحضرميّ، و صيفيّ بن
فسيل [2] الشيبانيّ، و قبيصة بن ضبيعة العبسيّ،/ و محرز بن شهاب المنقريّ [3]، و
كدام بن حيّان العنزيّ و عبد الرحمن بن حسان العنزيّ. و نجا منهم سبعة: كريم بن
عفيف الخثعميّ، و عبد اللّه بن جؤيّة [4] التميميّ، و عاصم بن عوف البجليّ، و
ورقاء بن سميّ البجليّ، و أرقم بن عبد اللّه الكنديّ، و عتبة بن الأخنس السّعديّ
من هوازن، و سعيد بن نمران الهمدانيّ.
و بعث معاوية إلى مالك بن
هبيرة لما غضب بسبب حجر مائة ألف درهم، فرضي.
قال أبو مخنف: فحدثني ابن
أبي زائدة، عن أبي إسحاق، قال: أدركت الناس يقولون: أول ذلّ دخل الكوفة قتل حجر، و
دعوة زياد، و قتل الحسين.
/ قال:
و جعل معاوية يقول عند موته: أيّ يوم لي من ابن الأدبر [5] طويل!.
عائشة تبعث عبد الرحمن
بن الحارث إلى معاوية في أمر حجر و أصحابه
قال أبو مخنف: و حدثني عبد
الملك بن نوفل بن مساحق من بني عامر بن لؤيّ أنّ عائشة بعثت عبد الرحمن بن الحارث
بن هشام إلى معاوية في حجر و أصحابه، فقدم عليه و قد قتلهم، فقال له: أين غاب عنك
حلم أبي سفيان؟ فقال: حين غاب عني مثلك من حلماء قومي، و حمّلني ابن سميّة
فاحتملت.
قال: و كانت عائشة رضي
اللّه عنها تقول: لو لا أنّا لم نغيّر شيئا قطّ إلّا آلت بنا الأمور إلى أشد مما
كنّا فيه لغيّرنا قتل حجر، أما [6] و اللّه إن كان لمسلما ما علمته حاجّا معتمرا.
[1]
أ و المختار «قيس الناطف». و قس الناطف: موضع قرب الكوفة (ياقوت).