/ و هي قصيدة طويلة- فدخل النعمان على معاوية فقال له:
يا أمير المؤمنين، إنك أمرت سعيدا أن يضرب ابن حسّان و ابن الحكم مائة مائة فلم
يفعل، ثم ولّيت مروان فضرب ابن حسّان و لم يضرب أخاه. قال: فتريد ما ذا؟
قال: أنت تكتب إليه بمثل
ما كتبت إلى سعيد. فكتب إلى معاوية يعزم عليه أن يضرب أخاه مائة، و بعث إلى ابن
حسّان بحلّة، فلما قدم الكتاب على مروان بعث إلى ابن حسان: إنّي مخرجك، و إنّما
أنا مثل والدك، و ما كان ما كان منّي إليك إلا على سبيل التأديب لك. و اعتذر إليه،
فقال حسان: ما بدا له في هذا إلّا لشيء قد جاءه. و أبى أن يقبل منه، فأبلغ الرسول
ذلك مروان فوجّهه إليه بالحلّة فرمى بها في الحشّ [3]. فقيل له: حلّة أمير المؤمنين
و ترمي بها في الحشّ؟ قال: نعم و ما أصنع بها! و جاءه قومه فأخبروه الخبر فقال: قد
علمت أنّه لم يفعل ما فعل إلا لأمر قد حدث. فقال الرسول لمروان: ما تصنع بهذا، قد
أبى أن يعفو فهلمّ أخاك. فبعث مروان إلى الأنصار و طلب إليهم أن يطلبوا إليه أن
يضربه خمسين فإنّه ضعيف. فطلبوا إليه فأجابهم، فأخرجه فضربه خمسين، فلقي ابن حسّان
بعض من كان لا يهوى ما ترك من ذلك، فقال له: أضربك مائة و يضربه خمسين، بئس ما
صنعت إذ وهبتها له. قال: إنّه عبد و إنّما ضربه ما يضرب العبد نصف ما يضرب الحرّ!
فحمل هذا الكلام حتّى شاع بالمدينة و بلغ ابن الحكم فشقّ عليه، فأتى أخاه مروان
فخبّره الخبر و قال: فضحتني، لا حاجة لي فيما تركت [4] فهلمّ فاقتصّ.
هجاء عبد الرحمن لابن
الحكم:
فضرب ابن الحكم خمسين
أخرى، فقال عبد الرحمن يهجو ابن الحكم:
[2]
تئط: تحن. ما عدا ح، ط، ها، مب «و قنيط» محرّف عنه.
[3]
الحش، بتثليث الحاء: أصله البستان و
جماعة النخل. و كانوا إذا أرادوا قضاء الحاجة ذهبوا إليها، ثم سمى المتوضأ به، نحو
تسميتهم الفناء عذرة.
[4]
هذا الصواب في ط، ها، مب فقط. و في ح:
«فأتى أخاه مروان ابن حسّان
لا حاجة لنا فما تركت». و في سائر النسخ «فأتى أن مروان بن حسّان فقال له لا حاجة لنا فيما تركت».