هو عمرو بن محمد بن سليمان
بن راشد، مولى ثقيف. و كان أبوه صاحب ديوان و وجها من وجوه الكتّاب، و ينسب إلى
أمّه بانة [بنت روح] [1] القحطبية [2]. و كان مغنّيا محسنا، و شاعرا صالح الشعر،
و صنعته صنعة متوسّطة، النادر منها ليس بالكثير [3]، و كان يقعده عن اللّحاق
بالمتقدّم [4] في الصنعة أنه كان مرتجلا، و المرتجل من المحدثين لا يلحق الضّرّاب.
و على ذلك فما فيه مطعن، و لا يقصّر جيّد صنعته عن صنعة [غيره من] [5] طبقته و إن
كانت قليلة، و روايته أحسن رواية.
تعصبه لإبراهيم بن
المهدي و تعصبه على إسحاق
و كتابه في «الأغاني» أصل من الأصول، و كان
يذهب مذهب إبراهيم بن المهدي في الغناء و تجنيسه، و يخالف إسحاق و يتعصّب عليه
تعصّبا شديدا، و يواجهه بذلك و ينصر إبراهيم بن المهديّ عليه. و كان تيّاها معجبا
شديد الذهاب بنفسه، و هو معدود في ندماء الخلفاء و مغنّيهم، على ما كان به من
الوضح. و فيه يقول الشاعر:
و قال ابن حمدون: كان عمرو
حسن الحكاية لمن أخذ الغناء عنه، حتّى كان من يسمعه لو توارى عن عينه عمرو ثم غنّى
لم يشكك في أنّه هو الذي أخذ عنه، لحسن حكايته، و كان محظوظا [7] ممن يعلّمه، ما
علّم أحدا قطّ إلا خرج نادرا مبرّزا.
/ فأخبرني
جحظة قال حدّثني أبو العبيس بن حمدون قال: قال لي عمرو بن بانة: علّمت عشرة غلمان
كلّهم