أمر إبراهيم عليه السلام
ابنه إسماعيل أن يتزوج ابنته:
هو مضاض بن عمرو بن الحارث
الجرهميّ. و كان جدّه مضاض قد زوّج ابنته رعلة، إسماعيل بن إبراهيم خليل الرحمن،
فولدت له اثنى عشر رجلا أكبرهم قيذار و نابت. و كان أبوه إبراهيم عليه السلام أمره
بذلك لأنّه لما بنى مكة و أنزلها ابنه قدم عليه قدمة من قدماته، فسمع كلام العرب و
قد كانت طائفة من جرهم نزلت هنالك مع إسماعيل، فأعجبته لغتهم و استحسنها، فأمر
إسماعيل عليه السلام أن يتزوّج إليهم، فتزوّج بنت مضاض بن عمرو، و كان سيّدهم.
حرب جرهم و قطوراء:
فأخبرنا محمد بن جرير،
قال: حدّثنا ابن حميد قال حدّثنا سلمة بن الفضل عن محمد بن إسحاق. و أخبرني محمد
بن جعفر النحويّ قال: حدّثنا إسحاق بن أحمد الخزاعي قال حدّثنا محمد بن عبد اللّه
الأزرقي قال: حدّثني جدّي عن سعيد بن سالم عن عثمان بن ساج عن محمد بن إسحاق. و
رواية إسحاق بن أحمد أتمّ. و قد جمعتها:
أن نابت بن إسماعيل ولي
البيت بعد أبيه ثم توفّي، فولى مكانه جدّه لأمه مضاض بن عمرو الجرهمي، فضمّ ولد
نابت بن إسماعيل إليه، و نزلت جرهم مع ملكهم مضاض بن عمرو بأعلى مكّة، و نزلت
قطوراء مع ملكهم السّميدع أجياد، أسفل مكة [1]. و كان هذان البطنان خرجا سيّارة من
اليمن، و كذلك كانوا لا يخرجون إلّا مع ملك يملّكونه عليهم، فلما رأوا مكّة رأوا
بلدا طيّبا، و ماء و شجرا، فنزلا و رضي كلّ واحد منهما بصاحبه و لم ينازعه، فكان
مضاض يعشر [2] من جاء مكّة من أعلاها،/ و كان السّميدع يعشر من جاءها من أسفلها و
من كداء [3] لا يدخل أحدهما على صاحبه في أمره، ثم إن جرهما و قطوراء بغى كلّ واحد
منهما على صاحبه، فتنافسوا في الملك حتّى نشبت الحرب بينهم؛ و كانت ولاية البيت
إلى مضاض دون السّميدع، فخرج مضاض من بطن قعيقعان مع كتيبته في سلاح شاك [4]
يتقعقع- فيقال: ما سميت قعيقعان إلا بذلك- و خرج السميدع من شعب [5] أجياد، في
الخيل الجياد و الرجال- و يقال: ما سميت أجيادا إلا بذلك- حتى التقوا بفاضح،
فاقتتلوا قتالا شديدا، و فضحت قطوراء- و يقال:
ما سمّي فاضحا إلا بذلك-
ثم تداعى القوم إلى الصلح فساروا حتّى نزلوا المطابخ شعبا بأعلى مكّة، و هو الذي
يقال
[3]
كذا في أ، ط، مب، مط. و في سائر
النسخ «كدى». أما الممدودة فهي
بفتح الكاف، و أما المقصورة فبضمها. فقيل المقصورة بأسفل مكة و الممدودة بأعلاها،
و قيل العكس أيضا. انظر «معجم البلدان».