أخبرني حبيب بن
نصر المهلّبي و وكيع و عمي قالوا جميعا حدّثنا عبد اللّه بن أبي سعد قال حدّثني
محمد بن عمران الضّبّيّ قال حدّثني خالد بن عبد اللّه قال حدّثني أبو عبيدة معمر
بن المثنّى قال:
كان أبو الأسود
الدؤلي كاتبا لابن عباس على البصرة، و هو الذي يقول:
أخبرني هاشم بن
محمد الخزاعيّ قال حدّثنا الرّياشيّ عن محمد بن سلام قال:
كان أبو الأسود
الدؤلي قد أسنّ و كبر، و كان مع ذلك يركب إلى المسجد و السّوق و يزور أصدقاءه،
فقال له رجل: يا أبا الأسود، أراك تكثر الركوب و قد ضعفت عن الحركة و كبرت، و لو لزمت
منزلك كان أودع لك. فقال له أبو الأسود: صدقت/ و لكنّ الركوب يشدّ أعضائي، و أسمع
من أخبار الناس ما لا أسمعه في بيتي، و أستنشى الريح، و ألقى إخواني، و لو جلست في
بيتي لاغتمّ بي أهلي، و أنس بي الصبيّ، و اجترأ عليّ الخادم، و كلّمني من أهلي من
يهاب كلامي، لإلفهم إيّاي، و جلوسهم عندي؛ حتى لعلّ العنز و أن تبول عليّ فلا يقول
لها أحد: هس [2].
سأله بنو
الديل المعاونة في دية رجل فأبى و علل امتناعه
أخبرني محمد بن
القاسم الأنباريّ قال حدّثني أبي قال حدّثنا أبو عكرمة قال:
كان بين بني
الدليل و بين بني ليث منازعة، فقتلت بنو الديل منهم رجلا، ثم اصطلحوا بعد ذلك على
أن يؤدّوا ديته، فاجتمعوا إلى أبي الأسود يسألونه المعاونة على أدائها، و ألحّ
عليه غلام منهم ذو بيان و عارضة، فقال له: يا أبا الأسود، أنت شيخ العشيرة و
سيّدهم، و ما يمنعك من معاونتهم قلة ذات يد و لا سؤدد و لا جود، فلما أكثر أقبل
عليه أبو الأسود، ثم قال له: قد أكثرت يا ابن أخي فاسمع مني: إن الرجل و اللّه ما
يعطي ماله إلا لإحدى خلال: إما رجل أعطى ماله رجاء مكافأة ممن يعطيه، أو رجل خاف
على نفسه فوقاها بماله، أو رجل أراد وجه اللّه و ما عنده في الدار الآخرة، أو رجل
أحمق خدع عن ماله، و و اللّه ما أنتم إحدى هذه الطبقات. و لا جئتم في شيء من هذا،
و لا عمّك الرجل العاجز فينخدع لهؤلاء، و لما أفدتك إياه في عقلك خير لك من مال
أبي الأسود لو وصل إلى بني الديل، قوموا إذا شئتم. فقاموا يبادرون الباب.