كان معن
يقدمه على بنيه فعاتبته امرأته فأراها حالهم و حاله
خبر يزيد بن
مزيد. و ذاك أنّ امرأة معن بن زائدة عاتبت معنا في يزيد و قالت: إنك لتقدّمه و
تؤخّر بنيك، و تشيد بذكره و تحمل ذكرهم، و لو نبّهتهم لانتبهوا، و لو رفعتهم
لارتفعوا. فقال معن: إن يزيد قريب لم [1] تبعد رحمه، و له عليّ حكم الولد إذ كنت
عمّه. و بعد فإنّهم ألوط [2] بقلبي و أدنى من نفسي على ما توجبه واجبة الولادة
للأبوّة من تقديمهم [3]، و لكنّي لا أجد عندهم ما أجده عنده. و لو كان ما يضطلع به
يزيد في بعيد لصار قريبا، و في عدوّ لصار حبيبا. و سأريك في ليلتي هذه ما ينفسح
به/ اللّوم عني و يتبيّن به عذري. يا غلام اذهب فادع جسّاسا و زائدة و عبد اللّه و
فلانا و فلانا، حتى أتى على أسماء ولده؛ فلم يلبث أن جاءوا في الغلائل المطيّبة و
النّعال السّندية، و ذلك بعد هدأة من اللّيل، فسلّموا و جلسوا. ثم قال: يا غلام
ادع لي يزيد و قد أسبل سترا بينه و بين المرأة، و إذا به قد دخل عجلا و عليه
السّلاح كلّه، فوضع رمحه بباب المجلس ثم أتى يحضر [4]. فلمّا رآه معن قال: ما هذه
الهيئة أبا الزّبير؟- و كان يزيد يكنى أبا الزّبير و أبا خالد- فقال: جاءني رسول
الأمير فسبق إلى نفسي أنه يريدني لوجه، فقلت: إن كان مضيت و لم أعرّج، و إن يكن
الأمر على خلاف ذلك فنزع هذه الآلة أيسر الخطب. فقال لهم:
انصرفوا في حفظ
اللّه. فقالت المرأة: قد تبيّن عذرك. فأنشد معن متمثّلا: