كان يضرب
للنابغة قبّة من أدم بسوق عكاظ، فتأتيه الشعراء فتعرض عليه أشعارها. قال: و أوّل
من أنشده الأعشى ثم حسّان بن ثابت ثم أنشدته الشعراء، ثم أنشدته الخنساء بنت عمرو
بن الشّريد:
و إنّ صخرا لتأتمّ الهداة به
كأنّه علم في رأسه نار
فقال: و اللّه
لو لا أنّ أبا بصير أنشدني آنفا لقلت إنك أشعر الجنّ و الإنس. فقام حسّان فقال: و
اللّه لأنا أشعر منك و من أبيك!. فقال له النابغة: يا ابن أخي، أنت لا تحسن أن
تقول:
تذاكر قوم
الشعر و هم في الصحراء فإذا هم بجني يقول إنه أشعر الناس:
أخبرنا أحمد بن
عبد العزيز الجوهريّ و حبيب بن نصر المهلّبيّ قالا حدّثنا عمر بن شبّة قال حدّثنا
الأصمعيّ قال حدّثنا أبو عمرو بن العلاء قال قال فلان لرجل سمّاه فأنسيته:
بينا نحن نسير
بين أنقاء [4] من الأرض تذاكرنا الشعر، فإذا راكب أطيلس [5] يقول أشعر الناس زياد
بن معاوية؛ ثم تملّس [6] فلم نره.
فضله أبو
عمرو على زهير:
أخبرني أحمد
قال حدّثنا عمر قال حدثنا الأصمعيّ قال سمعت أبا عمرو يقول: ما كان ينبغي للنابغة
إلّا أن يكون زهير أجيرا له.
سأل عبد
الملك عن شعر له في اعتذاره للنعمان و قال إنه أشعر العرب:
[1]
عبد الملك بن قريب: هو اسم الأصمعي الراوية المشهور.
[2]
الخطاطيف: جمع خطاف (بالضم). و خطاف البئر: حديدة حجناء تستخرج بها الدلاء و
غيرها. و حجن: معوجة، واحدها أحجن و الأنثى حجناء و نوازع: جواذب. يقول: لك خطاطيف
هذه صفتها أجرّ بها إليك. و هذا تمثيل. يريد أنه في قبضة يده و أنه لا مفرّ له
منه.