responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الاغانی المؤلف : ابو الفرج الإصفهاني    الجزء : 11  صفحة : 52

عبد الحميد: و فقد شأس و قصّ أثره و نشد، و ركبوا إلى الملك فسألوه عن حاله. فقال لهم الملك: حبوته و سرّحته.

فقالوا: و ما متّعته به؟ قال: مسك و كسا و نطوع و قطف. فأقبلوا يقصّون أثره فلم تتّضح لهم سبيله. فمكثوا كذلك ما شاء اللّه، لا أدري كم، حتى رأوا امرأة رياح باعت بعكاظ قطيفة حمراء أو بعض ما كان من حباء الملك، فعرفت و تيقّنوا أن رياحا ثأرهم. قال أبو عبيدة: و زعم الآخر قال: نشد [1] زهير بن جذيمة الناس، فانقطع ذكره على منعج وسط غنيّ، ثم أصابت الناس جائحة و جوع، فنحر زهير ناقة [2]، فأعطى امرأة شطّيها [3]/ فقال: اشترى لي الهدب و الطّيب. فخرجت بذلك الشحم و السّنام تبيعه حتى دفعت [4] إلى امرأة رياح، فقالت: إنّ معي شحما أبيعه في الهدب و الطّيب؛ فاشترت المرأة منها. فأتت المرأة زهيرا بذلك، فعرف الهدب. فأتى زهير غنيّا، فقالوا: نعم! قتله رياح بن الأسكّ، و نحن برءاء منه. و قد لحق بخاله من بني الطمّاح و بني أسد بن خزيمة. فكان يكون اللّيل عنده و يظهر في أبان [5] إذا أحسّ الصبح، يرمي الأروى [6]؛ إلى أن أصبح ذات يوم و هو عنده و عبس تريغه [7]. فركب خاله جملا و جعله على كفل [8] وراءه. فبينا هو كذلك إذا دنت، فقالوا [9]: هذه خيل عبس تطلبك. فطمر [10] في قاع شجر فحفر في أصل سوقه. و لقيت الخيل خاله فقالوا: هل كان معك أحد؟ قال لا. فقالوا: ما هذا المركب وراءك؟ لتخبرنّا أو لنقتلنّك! قال: لا كذب، هو رياح في ذلك القاع. فلما دنوا منه قال الحصينان: يا بني عبس دعونا و ثأرنا، فخنسوا [11] عنهما. فأخذ رياح نعلين من سبت [12] فصيّرهما على صدره حيال كبده، و نادى: هذا غزالكما الذي تبغيان. فحمل عليه أحدهما فطعنه، فأزالت النعل الرمح إلى حيث شاكلته، و رماه رياح مولّيا فجذم [13] صلبه. قال: ثم جاء الآخر فطعنه فلم يغن شيئا، و رماه مولّيا فصرعه. فقالت عبس: أين تذهبون إلى هذا! و اللّه/ ليقتلنّ منكم عدد مراميه، و قد جرحاه فسيموت. قال: و أخذ رياح رمحيهما و سلبيهما و خرج حتى سند إلى أبان. فأتته عجوز و هو يستدمي [14] على الحوض ليشرب منه/ و قالت: استأسر تحي، فقال: جنّبيني [15] حتى أشرب. قال: فأبت و لم تنته. فلما غلبته أخذ مشقّصا [16] و كنّع [17] به كرسوعي يديها. قال فقال عبد الحميد: فلما


[1] يريد: سأل الناس.

[2] كذا في «ح». و في «سائر الأصول»: «ناقته».

[3] شطيها: جانبي سنامها.

[4] دفعت: انتهت.

[5] أبان: جبل.

[6] الأروى: اسم جمع للأروية و هي أنثى الوعول.

[7] تريغه: تطلبه.

[8] الكفل (بالكسر): شي‌ء مستدير يتخذ من الخرق و نحوها و يوضع على سنام البعير.

[9] كذا في «الأصول». و لعل صوابه: «إذ دنت الخيل فقال هذه ... إلخ».

[10] طمر: معناها هنا استخفى.

[11] خنسوا: تأخروا و تنحوا.

[12] السبت: (بالكسر): الجلد المدبوغ.

[13] جذمه: قطعه بسرعة.

[14] يستدمي: يطأطئ رأسه يقطر منه الدم.

[15] جنبيني: ابعدي عني؛ يقال: جنبه تجنيبا و تجنبه و جانبه و تجانبه و اجتنبه إذا بعد عنه. و في «الأصول»: «اجنبيني» بزيادة الألف، و هو تحريف. و يقال: جنبه الشي‌ء يجنبه (من باب نصر)، و جنّبه إياه تجنيبا، و أجنبه إياه، إذا نحاه عنه.

[16] المشقص: نصل عريض أو هو سهم فيه ذلك النصل.

[17] كتع (بالتضعيف): قطع. و في بعض «الأصول»: «كنع» بالتاء، و هو تصحيف.

اسم الکتاب : الاغانی المؤلف : ابو الفرج الإصفهاني    الجزء : 11  صفحة : 52
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست