responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الاغانی المؤلف : ابو الفرج الإصفهاني    الجزء : 11  صفحة : 48

مكث ساعة فقال: إني لأجد ريح النسيم، فما ترين؟ قالت: أراها كما قال الشاعر:

دان مسفّ فويق الأرض هيدبه‌

يكاد يدفعه من قام بالراح‌

/ كأنما بين أعلاه و أسفله‌

ريط منشّرة أو ضوء مصباح‌

فمن بمحفله كمن بنجوته‌

و المستكنّ كمن يمشي بقرواح‌

فقال: انجي لا أبا لك! فما انقضى كلامه حتى هطلت السماء عليهما.

البيت الثاني من هذه الأبيات ليس من رواية ابن حبيب و لا الأصمعيّ.

معنى قول الجارية «كأنها بطن حمار أصحر»: تعني أنه أبيض فيه حمرة. و الصحرة لون كذلك. و قوله: «فمن بمحفله كمن بنجوته»: يعني من هو بحيث احتفل السيل- و احتفال كل شي‌ء معظمه- كمن في نجوته. و قد روي «بمحفشه»، و هما واحد، و معناهما مجرى معظم السيل. يقول: فمن هو في هذا الموضع منه كمن بنجوته (أي ناحية عنه) سواء لكثرة المطر. و القرواح: الفضاء؛/ يقال قرواح و قرياح. و يقال في معنى المحفش: حفشت الأودية إذا سالت، و تحفّشت المرأة على ولدها إذا قامت عليه.

كان يسير ليلا فصرعته ناقته، فأكرمه فضالة بن كلدة، فمدحه:

أخبرني عليّ بن سليمان الأخفش قال حدّثني عليّ بن أبي عامر السّهميّ المصريّ قال حدّثني أبو يوسف الأصبهانيّ قال حدّثني أبو محمد الباهليّ عن الأصمعيّ، و ذكر هذا الخبر أيضا التّوّزيّ عن أبي عبيدة، فجمعت روايتيهما، قالا:

كان أوس بن حجر غزلا مغرما بالنساء؛ فخرج في سفر، حتى إذا كان بأرض بني أسد بين شرج و ناظرة [1]، فبينا هو يسير ظلاما إذ جالت به ناقته فصرعته فاندقّت فخذاه فبات مكانه؛ حتى إذا أصبح غدا جواري الحيّ يجتنين الكمأة و غيرها من نبات الأرض و الناس في ربيع. فبينا هنّ كذلك إذ بصرن بناقته تجول و قد علق زمامها في شجرة و أبصرنه ملقى، ففزعن فهربن. فدعا بجارية منهن فقال لها: من أنت؟ قالت: أنا حليمة بنت فضالة بن كلدة، و كانت أصغرهن؛ فأعطاها حجرا و قال لها: اذهبي إلى أبيك فقولي له: ابن هذا يقرئك السلام. فأخبرته فقال: يا بنيّة، لقد أتيت أباك بمدح طويل أو هجاء طويل. ثم احتمل هو و أهله حتى بنى عليه بيته حيث صرع و قال: و اللّه لا أتحوّل أبدا حتى تبرأ؛ و كانت حليمة تقوم عليه حتى استقلّ. فقال أوس بن حجر في ذلك:

جدلت [2] على ليلة ساهره‌

بصحراء شرج إلى ناظره‌

تزاد لياليّ في طولها

فليست بطلق و لا ساكره [3]

أنوء برجل بها ذهنها [4]

و أعيت بها أختها الغابرة


[1] شرج و ناظره: موضعان.

[2] الجدل: الصرع؛ يقال: جدله و جدّله تجديلا فانجدل و تجدّل. و في «الأصول» و «الديوان»: «خذلت» و ظاهر أنه تصحيف.

[3] ليلة طلق و طلقة: طيبة لا خرّ فيها و لا برد و لا مطر و لا قر؛ و يقال: يوم طلق. و ليلة ساكرة: ساكنة الريح؛ يقال: سكرت الريح تسكر (على وزان قعد) سكورا و سكرانا إذا سكنت بعد الهبوب.

[4] كذا في «اللسان» (في مادة ذهن). و الذهن: القوّة. و الغابرة: الباقية. و في «الأصول» و «الديوان»: ... دهيها ... العاثرة.

اسم الکتاب : الاغانی المؤلف : ابو الفرج الإصفهاني    الجزء : 11  صفحة : 48
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست